للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

منهم جماعة (١)، ومازال يُهدد من امتنع منهم بالضرب وقطع الأرزاق، حتى أجابوه إلى ذلك كلهم أجمعون إلى أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح (٢)، ولاشك أن أكثر المحدثين الذين أجابوا إلى ذلك تأولوا قوله تعالى: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} (٣).

ثم قُيِّد الإمام أحمد ومحمد بن نوح بالحديد، وحملا إلى المأمون، وعندما وصلا إلى جيش الخليفة ونزلا دونه بمرحلة جاء خادم من الجيش وهو يمسح دموعه بطرف ثوبه، ويقول للإمام أحمد: يعز عليَّ يا أبا عبد اللَّه أن المأمون قد سل سيفاً لم يسله قبل ذلك، ويقسم لئن لم تُجبه إلى القول بخلق القرآن ليقتلنك بذلك السيف، فجثا الإمام أحمد على ركبتيه، ورمق بطرفه إلى السماء، وقال: اللَّهم فإن يكن القرآن كلامك غير مخلوق فاكفنا مؤونته. فجاء الصريخ بموت المأمون في الثلث الأخير من الليل، ففرح أحمد، ثم جاء الخبر بأن المعتصم قد ولي الخلافة، وقد انضم إليه


(١) انظر: البداية والنهاية، ١٠/ ٢٧٢، ٣٣١.
(٢) محمد بن نوح، قال عنه أحمد ما رأيت أحداً على حداثة سنة وقدر علمه أقوم بأمر الله من محمد بن نوح، قال لي ذات يوم: يا أبا عبد الله، الله الله، إنك لست مثلي، أنت رجل يقتدى به: قد مد الخلق أعناقهم إليك لما يكون منك، فاتق الله، واثبت لأمر الله، ... فمات وصليت عليه ودفنته.
انظر: سير أعلام النبلاء، ١١/ ٢٤٢.
(٣) سورة النحل، الآية: ١٠٦.

<<  <   >  >>