للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أحمد بن أبي دؤاد (١)، وأن الأمر شديد، فرد أحمد ومحمد إلى بغداد في سفينة مع بعض الأسارى، ومات محمد بن نوح في الطريق، فصلى عليه أحمد (٢)، ووصل أحمد إلى بغداد في رمضان سنة ٢١٨هـ وأودع السجن نحواً من ثمانية وعشرين شهراً، وقيل أكثر من ثلاثين شهراً، وقد كان في هذه المدة يصلي بأهل السجن والقيود في رجليه (٣)، وكان المعتصم يوجه إليه من يناظره في السجن، فيفوز عليهم الإمام أحمد بحجته ودليله، فيزاد في قيوده، ثم طلب المعتصم حضوره لديه، فحُملَ على دابة وعليه الأقياد، ما معه من يمسكه إلا اللَّه، وكاد أن يسقط على وجهه لثقل القيود، ولكن اللَّه سلم، ثم دخل على المعتصم وأحمد بن أبي دؤاد حاضر عنده، وقد جمع خلقاً كثيراً من أصحابه (٤)، ثم قال المعتصم لأعوانه: ناظروه، فقيل له: ما تقول في القرآن؟ فقال أحمد: ما تقول في علم اللَّه؟ فسكت المناظر له، فقال أحمد: من زعم أن علم اللَّه


(١) أحمد بن أبي دؤاد فرج بن جرير بن مالك المعتزلي، ولد سنة ١٦٠هـ، ولي قضاء القضاة للمعتصم، ثم للواثق، وأعلن مذهب المعتزلة، وحمل السلطان على امتحان الناس بخلق القرآن، وأن الله لا يرى في الآخرة، وابتلاه الله بالفالج قبل موته بأربع سنين، وحرم لذة الطعام والشراب والنكاح وغير ذلك، توفي يوم السبت لسبع بقين من محرم سنة ٢٤٠هـ. انظر: البداية والنهاية، ١٠/ ٣١٩ - ٣٢٢.
(٢) انظر: سير أعلام النبلاء، ١١/ ٢٤٢.
(٣) انظر: سير أعلام النبلاء، ١١/ ٣٤٢، ٣٤٣، والبداية والنهاية، ١٠/ ٣٣٢.
(٤) انظر: سير أعلام النبلاء، ١١/ ٣٤٣، والبداية والنهاية، ١٠/ ٣٣٢.

<<  <   >  >>