فيه السياسة والحكم، وظهرت فيه انحرافات في العادات والتقاليد والسلوك والحياة، واشتدت فيه غربة الإسلام، وتفرقت كلمة المسلمين، وظهرت الفرق المخالفة لما كان عليه السلف الصالح في العقائد والفروع، وخيَّم الجمود الفكري والتقليد الأعمى، فأثر في الجو العلمي، وظهرت فرق الشيعة، والصوفية المنحرفة، والقبورية، ونفاة الصفات: كالجهمية، والمعتزلة، والقدرية، وطغى علم الكلام والفلسفة حتى حلاَّ محل الكتاب والسنة لدى الأكثرية من المتعلمين في الاستدلال، هذا كله في داخل المجتمع الإسلامي في ذلك العصر، مع تكالب أعدائه من الخارج، فحصل من البلاء ما اللَّه به عليم (١).
في هذا الجو المعتم عاش شيخ الإسلام، فكيف يعمل حتى يصلح هذه المفاسد ويظهر النور في هذه الظلمات؟ ما هو الموقف الحكيم الذي سلكه حتى أنار اللَّه به الطريق لهذا المجتمع وألزمهم بالكتاب والسنة والإجماع وعقيدة السلف الصالح الصافية النقية؟
وبالنظر في ذلك نجد أن الشيخ ‘ وقف مواقف حكيمة لإظهار علم الكتاب والسنة، وقمع أهل البدع والأهواء.
(١) انظر: من مشاهير المجددين في الإسلام للدكتور صالح بن فوزان، ص٥٢.