وهكذا ينبغي لكل داعية إلى اللَّه أن يظهر من عمله ما يصدق قوله، رغبة فيما عند اللَّه والدار الآخرة، وبذلك يفتح اللَّه له قلوب العباد وأسماعهم، وتظهر دعوته إلى اللَّه، ويظهر أثرها، وأثر إخلاص صاحبها مع اللَّه - عز وجل -.
[٤ - مناظراته الحكيمة:]
من مواقفه الحكيمة مناظراته التي غلب فيها خصومه وأعجزهم، وانقادوا له طوعاً أو كرهاً، فقد كان شيخ الإسلام على عقيدة السلف الصالح، ويعض على هذه العقيدة بالنواجذ، ويبذل جهده ووقته، وفكره في إرجاع جميع الطوائف المنحرفة إلى هذه العقيدة، ويرى رأي إمام دار الهجرة مالك بن أنس من أنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، وهو رأي كل حكيم عليم بداء الأمة ودوائها قديماً وحديثاً.
وكان الشيخ - رضي الله عنه - شديد الانتصار لمذهب السلف والدفاع عنه بالحجج النقلية والعقلية، وقد عقدت له مناظرات في مصر والشام، وكان معظمها يحوم حول هذه القضية (١)، ومن هذه المناظرات على سبيل المثال لا الحصر، ما يأتي:
(أ) المناظرة الأولى: في العقيدة الواسطية التي كتبها لرضى الدين الواسطي، من أصحاب الشافعي، حينما طلب منه بإلحاح أن يكتب
(١) انظر: حياة شيخ الإسلام ابن تيمية، لمحمد بهجة البيطار، ص٢٧.