تَعَالَى أوجب على الْمِائَة أَن يثبتوا للمائتين، وعَلى الْألف أَن يثبتوا للألفين، فَمن انهزم من غير عذر - كَمَا قدمنَا - فقد ارْتكب كَبِيرَة، وباء بغضب من الله، نَعُوذ بِاللَّه من غَضَبه. قَالَ الله تَعَالَى:{وَمن يولهّم يومئذٍ دبره إِلَّا متحرفاً لقِتَال أَو متحيزاً إِلَى فئةٍ فقد بَاء بغضبٍ من الله وماويه جهنّم وَبئسَ الْمصير}
فدلت الْآيَة على أَن الْهَزِيمَة من غير عذر من الْكَبَائِر الْعِظَام، وموبقات الآثام. والمتحرف لِلْقِتَالِ: هُوَ الَّذِي يستجر الْعَدو إِلَى مَوضِع أعون على الْقِتَال، أَو لكمين رتّبه، أَو ليكمن لَهُم فِي مَوضِع هُوَ أَشد عَلَيْهِم كالتحول من متسع إِلَى مضيق لَهُم، أَو مضيق لَهُ إِلَى متسع عَلَيْهِ، أَو لاستقبال شمس أَو ريح وَشبه ذَلِك. والمتحيز إِلَى فِئَة: هُوَ الَّذِي ينْصَرف لقصد طَائِفَة يستنجدها أَو ينجدها أَو شبه ذَلِك. هَذَا كُله عِنْد الْقُدْرَة على الْقِتَال. فَإِن عجز عَن الْقِتَال (٦٢ / ب) مُطلقًا - كَمَا قدمْنَاهُ - جَازَ الِانْصِرَاف، إِلَّا أَن يكون فِي انْصِرَافه هزيمَة الْمُسلمين وخذلانهم دون ثباته.