للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالت بل في تبرج المرأة وزينتها نهاراً تشويق وتهييج لزوجها ليلاً. قلت نعم ولجارها أيضاً. قالت بل ولنفسها كذلك. قلت ما فهمت هذا المعنى البديع هل المرأة إذا نظرت إلى زينتها تكرع. قالت لاشك فإن الزينة حسن وكل حسن فإنما يذكر بالحسن. حتى لو نظرت جواداً مطّهماً أو متاعاً نفيساً أو شيئاً آخر من زينة السماوات والأرض لكان أول ما يخطر ببالها شخصاً متصفاً بالجمال. قلت فهو إذاً تصور مطلق غير معين. قالت إن كان الأشوق في العيان. فهو الأسبق إلى الأذهان وإلا فأي كائن كان. قلت وعلى فرض حضور الزوج وشرط كونه عليه مسحة من الجمال، فهل له خطور بالبال. قالت إذا وفق إلى التمليق والتعريب فقد يخطر ولكن لا بالصفة العينية بل الصفة المطلقة. قلت قد لمحت إلى هذا المعنى سابقاً وفهمته حق فهمه. ولكن أسألك سؤال متحرّ غير ذي ضلع ولا صغا. هلا يجب على المرأة أن تقدم زوجها في الذكر والتصور من حيث أن له المزية والقفيّة. وحالة كونه شيخها وأباها وحليلها ونفاحها وكميعها وكفيحها وضجيعها وعقيدها وعهيدها وأكيلها وشريبها وجليسها وسميرها وحليفها وعشيرها وأليفها ونجيها وضمينها ووليّها وكفيلها وكليمها وعنيقها ونديمها وخليطها وعميلها وشريكها وخليلها. قالت نعم ورقيبها وسبيبها وشغيبها وعقيبها وغضيبها وكليبها ولتيبها ووثيبها وفحيصها وخصيمها ولزيمها وزحيمها ونبيزها ولقيسها وفقيسها وقفيسها وجاسوسها وعاسوسها وجاروسها ونقوسها وفانوسها وكابوسها وناطورها وناقورها. قلت قد قال مولانا صاحب القاموس دل المرأة ودلالها تدللها على زوجها تريه جرأة عليه في تغنج وتشكل كأنها تخالفه وما بها خلاف. وقال أيضاً تبعلت المرأة أطاعت بعلها أو تزينت له. وفي موضع آخر تقيأت تعرضت لبعلها والقت نفسها عليه "انتهى" فهذا الدليل على إن حركات المرأة كلها ينبغي أن تكون مقصوداً بها الزوج لا غير. قالت لا غرو إن يكون صاحبك قد قيد هذه الحركات بالزواج تفردا بها من عنده. أو أنه تابع بعض أهل اللغة المشفشفين على ذلك. فإن الرجال دأبهم أن يدَّعوا أن المرأة لم تخلق إلا لإرضاء زوجها وتعليله وتمليقه. وإن اللغة إنما وضعوها استبداداً منهم عن النساء وافتئاتا كما هو دأبهم في غير ذلك. مع أن اللغة أنثى ولو كانت من وضع النساء وهو الأولى إذ كل إنتاج ووضع لا بد له من ماهية أنثوية لكن وضعن ألفاظاً تدل على من لا يفكر في غير امرأته. وعلى قصر طرف الرجل عن النظر إلى سواها وعلى مرضه لمرضها وزحيره لزحيرها وعلى إلباسه إياها ونضوها من ثيابها. وعلى تمشيطه وإحراز مراطة منه للنظر إليها إذا غاب عنها ساعة ما. وعلى بذل جميع ما تحت يده لرضاها وعلى من يرى زوجته أحسن النساء ومن يزيد حبه لها بازدياد رؤيته لغيرها أو على من يغمض عينيه إذا تعرضت له أخرى أو يغشى عليه أو يكبّ على وجهه أو يأخذه الدوار أو الهيضة. وعلى من يتخذ صورتها فيعم بها حيطانه وكتبه ومتاعه. فتكون مرة قائمة ومرة مضطجعة ومرة مستلقية وأخرى مكبة.

<<  <   >  >>