للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فنهاية رفقة بها وشفقته عليها إنما هو أن يشتري لها جارية أو يستخدم وصيفة. وليس المقصود مجرد تخفيف الشغل عنها وإنما المقصود جعل الأمَةَ أو الخادمة رقيبة عليها حتى لا تخونه في عرضه. ولا أقول في ماله لأنه لا يخرج من البيت إلا بعد أن يقفل صناديقه. مع أن الجارية لا تكون إلاّ ذات ضلع مع سيدتها عليه وان شتمتها بين يديه وإهانتها: لأنها لا يهمها كون سيدتها تحب واحداً من الرجال أو أثنين أو عشرة. بل يهمها أن تنال عندها الطيب من المأكول والمشروب. فإذا كانت زلّة سيدتها كما يقال تحت يدها أدلَّت عليها بتلك الزلة وتجرأت على أن تطلب منها ما تشاء. لا بل تتمنى أن سيدتها تكثر من العشاق ما استطاعت. لأنها تؤمل منهم الصلة والإحسان. ومعلوم إنه كلما كثرت العشاق كثرت الصلات. وبعدُ فإن من طبع النساء في كل زمان ومكان الارتياح إلى شواغل الهوى وبواعث العشق وان يرين أهل الدنيا كلها مسترسلين إليها ومنهمكين فيها فالجارية التي تكون عند سيدة حرّة على فرض صحة ذلك لا تلبث أن تغاضب سيدتها حتى تغري زوجها ببيعها فيقع نصيبها عند أخرى غير حرّة. غير أن الرجال مغفلون. نعم هم مغفلون. فأما تبجحهم بكونهم يشترون لأزواجهم حلياً في ربيع يُسْرهم فذلك عائد إلى خبرهم. لأنهم لا يلبثون أن يسلبونهن إياها في خريف عسرهم وأفلاسهم. فأية امرأة ترضى لنفسها بان تقعد في بيتها كالفرس المسرج المعدَّ للركوب وهي محرومة من معاشرة الناس. قال فقلت والله ما قلت كلاماً أحسن من هذا. وهذه آثار النجابة بدت تسطع من طباعك فحيّاك الله وبيّاك. قالت وما بياك قلت ليس بشيء. قالت ولكنها عندي حسنة للازدواج. قلت كأنك تقولين إنه من قبيل تزويج لفظة بأخرى فيشم منه رائحة الزواج. قالت نعم الزواج سارَّ حتى في الألفاظ. قلت ولكن بقي لي عليك اعتراض وهو انك عرّضت في أول خطبتك هذه البليغة التي أفادتني اكثر من خطب صاحب المعّبر بأني اصلح شعرك وثيابك أمام الناس. أو بأنه يلزمني أن أفعل ذلك وهو مما فات فكري. قالت انك لمَّا تفعله ولكن ستفعله أن شاء الله عن قريب. فأني أراك تقدر النساء ولا تبخسهن حقهن وإني واحدة من عباد الله هؤلاء.

سفر ومحاورة

<<  <   >  >>