للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسعف النخل، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من أسرج مسجدنا؟» ، فقال تميم: غلامي هذا، فقال: «ما اسمه؟» قال: فتح، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «بل اسمه سراج» «١» .

وعلى كل حال فإن هذه الوظائف لم تكن ثابتة لأشخاص بأعينهم، بل كان يقوم المسلمون بها ابتغاء الأجر والثواب، وأصبحت في عهود لاحقة وظائف ثابتة لخدمة المسجد، وكنسه، وتنظيفه، وبسط حصره، وتسوية حصاه إن كان مبسوطا بالحصى «٢» .

أما «إدارة الحج» فاقتضت أن يقوم النبي صلّى الله عليه وسلم أو من ينوب عنه بإقامة الحج للناس، فيقوم بأداء مناسك الحج، ثم يتبعه الناس، وقد كانت مناسك الحج قبل الإسلام وظائف مقسمة بين بطون مكة وأفخاذها، ولما فتح النبي صلّى الله عليه وسلم مكة سنة (٨ هـ) . ولّى على الحج عتاب بن أسيد أميره على مكة ليقيم الحج للناس، وذلك على ما كانت العرب تحج عليه «٣» .

وفي السنة التاسعة أرسل النبي صلّى الله عليه وسلم أبا بكر ليحج بالناس (أميرا على الحج) ، وكان الناس مؤمنهم وكافرهم يحجون معا، حتى نزلت سورة براءة، فبعث النبي صلّى الله عليه وسلم عليّا إلى الموسم كي يبلغ الناس أحكام هذه السورة، ومنها ألّا يقرب المسجد الحرام بعد هذا العام مشرك أبدا «٤» ، فيقول الله تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا [التوبة: ٢٨] «٥» .

وفي السنة العاشرة حج النبي صلّى الله عليه وسلم بالناس حجة الوداع وكانت فيها الخطبة المشهورة التي يبين النبي صلّى الله عليه وسلم فيها كثيرا من الأحكام النهائية، وأبلغهم أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وأشهد الناس على ذلك «٦» .

وكان أمير الحج يقوم بمهمات متعددة، فهو الذي يجمع الناس، ويشرف على شؤونهم، ويصلح بين الخصوم، ويلزمه أن يقوم بجميع مناسك الحج، لتقتدي به


(١) ابن حجر، الإصابة (ج ١، ص ١٨٤) . الخزاعي، تخريج الدلالات (ص ١١٨- ١٢٣) .
(٢) المالقي، الشهب اللامعة (ص ٣٢٢) .
(٣) ابن هشام، السيرة (م ٢، ص ٥٠٠) . ابن حبيب، المحبّر (ص ١١، ١٢) .
(٤) انظر: البخاري، الصحيح (ج ٧، ص ٨٠، ٨١) . الطبري، تاريخ (ج ٣، ص ١٢٢، ١٢٣) (الواقدي) .
(٥) انظر: الطبري، تفسير (ج ١٤، ص ١٩٠- ١٩٨) . القرطبي، الجامع (ص ٨، ١٠٤، ١٠٦) . والسيوطي، الدر المنثور (ج ٤، ص ١٦٤، ١٦٥) .
(٦) ابن هشام، السيرة (م ٢، ص ٦٠٣، ٦٠٤) . وابن سعد، الطبقات (ج ٢، ص ١٧٢) . وابن حبيب المحبر (ص ١٢) .

<<  <   >  >>