للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بلاد فارس، وكانت هذه الدراهم تختلف من حيث الوزن والحجم اختلافا كبيرا مما أدى إلى أن يتعامل الناس بها وزنا لا عدّا «١» .

ويلاحظ أن الدرهم كان مستعملا بشكل كبير، ولذا فقد كان صداق الرسول صلّى الله عليه وسلم لنسائه- في الغالب- خمسمائة درهم «٢» .

لقد امتهن بعض الصحابة مهنة «الصيرفة» اتضح ذلك من قول بعض الصحابة:

«كنا تاجرين على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم فسألناه عن الصرف، فقال: «إن كان يدا بيد فلا بأس، وإن كان نسّاء فلا يصلح» «٣» ، ويذكر أن النبي صلّى الله عليه وسلم اعتمد سعر السوق اليومي في الصيرفة، روى أبو داود (ت ٢٧٥ هـ) قول ابن عمر (ت ٦٨ هـ) :

«قلت: يا رسول الله إنى أبيع الإبل بالنقيع، فأبيع بالدنانير واخذ الدراهم، وأبيع الدراهم واخذ الدنانير، اخذ هذه من هذه، وأعطي هذه من هذه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء» «٤» ، وهذا يوضح مدى انتشار هذه المهنة في زمن الرسول صلّى الله عليه وسلم.

أما «الأوزان والمكاييل» المستعملة في هذه الفترة، فهي ذاتها التي عرفت قبل الإسلام ولكنها أصبحت مراقبة ومحددة وفقا للمعيار الذي يفرضه صاحب السوق، فعرفت في مكة «الأوزان» لأن طبيعة التعامل يقوم على التجارة في حين عرفت المكاييل في المدينة؛ لأنها ذات طابع زراعي «٥» ، وقد جاء في الحديث: «الوزن وزن أهل مكة، والمكيال مكيال أهل المدينة» «٦» ، واندرجات وحدات الكيل ما بين المد، والصاع، والوسق «٧» والجريب، والقفير، الذي يستخدم أيضا- شأنه شأن الجرايب- كمقياس أرضي «٨» ، وكذلك واحدات الوزن متفاوتة بين الدرهم والثقال


(١) البلاذري، فتوح (ص ٦٥٢، ٦٥٣) . وقال ابن منظور (ت ٧١١ هـ) : تزن كل سبعة دنانير عشرة من الدراهم، والدنانير الكثيرة عند العرب إذا بلغت أربعة الاف سميت «قنطارا» . اللسان (ج، ص ١١٩) .
(٢) ابن سلام، الأموال (ص ٥٠٠) . الماوردي، الأحكام (ص ١١٩) . وانظر: أبا يعلى، محمد بن الحسين بن الفراء (ت ٤٥٨ هـ) ، الأحكام السلطانية، تحقيق محمد حامد الفقي (ط ٣) بيروت دار الفكر، (١٣٩٤ هـ، ١٩٧٤ م) ، (ص ١٢٥) .
(٣) البخاري، الصحيح (ج ٣، ص ٩٨) .
(٤) أبو داود، السنن (ج ٣، ص ٦٥٠، ٦٥١) .
(٥) بيضون، تجارة المدينة (ص ٢١- ٢٢) .
(٦) أبو داود، السنن (ج ٣ ص ٦٣٣- ٦٣٦) . النّسائي، السنن (ج ٧، ص ٢٨٤) .
(٧) الوسق، ستون صاعا بصاع النبي صلّى الله عليه وسلم. انظر: أبو يوسف، الخراج (ص ٥٣) .
(٨) أبو يوسف، الخراج. والريس، الخراج (ص ٢٩٠) .

<<  <   >  >>