للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة ظلمتها إياه بدم ولا مال» » .

وترد إشارة إلى أن النبي صلّى الله عليه وسلم في فترة لاحقة ولى عمر بن الخطاب أمر السوق في المدينة، في حين ولى سعيد بن العاص أمر السوق في مكة «٢» .

ولقد قامت الدولة بتنظيم شؤون التجارة، فكان لابد من كتابة الديون كنوع من التوثيق من أجل حفظ حقوق الاخرين، وتشير الاية الكريمة إلى ذلك فقال تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ... [البقرة: ٢٨٢] وكان النبي صلّى الله عليه وسلم يكتب ما يبيعه وما يشتريه فيذكر البخاري (ت ٢٥٦ هـ) نص هذا الكتاب، حيث جاء فيه «هذا ما اشترى العداء بن خالد بن هوذة من محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، اشترى عبدا أو أمة (شك الراوي) لا داء ولا غائلة ولا خبثة، بيع المسلم للمسلم» «٣» .

وكانت المرونة والحرية والانفتاح سمة من سمات الدولة في فترة الرسالة، حيث سمح للمسلمين بالتعامل التجاري بحرية حتى مع الكفار، روى البخاري (ت ٢٥٦ هـ) أن النبي صلّى الله عليه وسلم اشترى شاة من مشرك «٤» ، وتبايع مع اليهود واقترض منهم فقد اشترى النبي صلّى الله عليه وسلم طعاما من يهودي إلى أجل ورهنه درعا من حديد «٥» .

أما «النقود المتداولة» في فترة الرسالة، فكانت تتمثل في «الدينار» «٦» وهو عملة مضروبة في بيزنطة من الذهب الخالص «٧» ، وكان الناس يتعاملون به وزنا إذا كثر، وعدّا إذا قل، وقد أقر الرسول صلّى الله عليه وسلم التعامل مع هذه الدنانير على ما كانت عليه في الجاهلية، وكان «الدرهم» «٨» من النقود التي تعامل بها الناس، وهو مضروب في


(١) الدارمي، الصحيح (ج ٢، ص ٢٤٩) .
(٢) الحلبي، السيرة (ج ٣، ص ٣٤٥) .
(٣) البخاري، الصحيح (ج ٣، ص ٦٧) . الترمذي، الصحيح (ج ٥، ص ٢٢٠، ٢٢١) . حميد الله، مجموعة الوثائق (ص ٣١٧) . داء: العيب الباطن في السلعة. غائلة: المغيبة أو المسروقة. الخبثة: الضالة. انظر: ابن منظور، اللسان (ج ١١، ص ٥٠٩) ، (ج ١٤، ص ٢٨٩) .
(٤) البخاري، الصحيح (ج ٣، ص ١٠٥) .
(٥) م. ن (ج ٣، ص ٧٤، ١٦٨) .
(٦) سمير شما، النقود المتداولة في عصر الرسول وعصر الخلفاء الراشدين، بحث مقدم إلى الندوة الثالثة لدراسات تاريخ الجزيرة العربية، جامعة الرياض، (١٤٠٢ هـ، ١٩٨٢ م) ، (ص ٥، ٦) .
(٧) الدينار، يزن (٤، ٢٥) جرام من الذهب. انظر: شما، النقود المتداولة (ص ٦) .
(٨) الدرهم، يساوي ستين شعيرة. انظر: الريس، الخراج (ص ٣٦٣) . صبحي الصالح، النظم (ص ٤٢٧) . شما، النقود المتداولة (ص ٦) .

<<  <   >  >>