للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«الايار» إذ كانت الأزلام تضرب عند هبل «١» . ويمكن القول إن هذه الوظيفة كانت ذات هدف اقتصادي؛ إذ تجمع الأموال باسم الالهة، وقد أبطلها الإسلام، وأشارت الاية إلى ذلك: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ [المائدة: ٩٠] .

وكانت «صوفة» وهي من جرهم تتولى أمر «الإجازة» بالناس من عرفة إذا نفروا إلى منى، وبقيت كذلك حتى قاتلهم قصي، وتولى هو هذه الوظيفة، وهناك روايات تشير إلى أنها (أي جرهم) تولت ذلك حتى انقرض اخرهم «٢» ، وبعد تقسيم الوظائف الإدارية بين بطون قريش وأفخاذها، ورثت تميم هذه الوظيفة، كما يقرر ابن حزم (ت ٤٥٦ هـ) في جمهرته «٣» .

وهناك وظيفة أخرى غريبة هي «النسيء» فكانت تلي ذلك كنانة، فكانوا ينسئون الشهور، يلي ذلك منهم بنو ثعلبة بن الحارث بن مالك، وكانوا يسمون «القلامسة» فكان يقوم «القلمس» أيام التشريق، فيسألونه أن يؤخر المحرم، فيؤخر «المحرم» «٤» .

وقد أشارت الاية إلى هذه الوظيفة وجعلتها جزا من الكفر: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً [التوبة: ٣٧] .

أما «الإدارة المالية» لمكة فلها أهمية خاصة، ويمكن القول: إن الوظائف الدينية في كثير من جوانبها ترتبط ارتباطا وثيقا بإدارة مكة الناجحة لشؤون تجارتها وأموالها.

تقع مكة في واد غير ذي زرع، لذلك كان عماد حياة أهلها التجارة، وهناك إشارة تبين أن قريشا كانوا تجارا، ولم تكن تجارتهم تتجاوز مكة، فكان التجار يحملون تجارتهم إلى مكة يبيعون بضائعهم لأهلها «٥» ، وبقيت تجارتهم كذلك حتى ذهب هاشم إلى الشام، وأظهر من الكرم وحسن المعاملة ما جعل قيصر يسمع به ويقربه، وطلب من قيصر أن يكتب له كتابا يؤمن به تجارة مكة، وكذلك فعل هاشم مع


(١) م. ن (ج ٣، ٢٦) . م. ن (ج ١، ٢٤٩) . م. ن (ص ٦٠) .
(٢) ابن هشام، السيرة (م ١، ص ١١٩) . والطبري، تاريخ (ج ٢، ص ٢٥٧) (ابن إسحاق) ابن كثير، السيرة (ج ١، ص ٩٥) . الشيخ الرئيسي أبو البقاء وهبة الله الحلّي (المتوفى في النصف الأول للقرن السادس) . المناقب المزيدية تحقيق صالح درادكة ومحمد خريسات ط ١ مكتبة الرسالة عمان (١٤٠٤ هـ، ١٩٨٤) (ص ٣٢١- ٣٢٣) .
(٣) ابن حزم، جمهرة (ص ١٢، ص ٣٠٣) . وكستر. الحيرة (ص ٧٨، ٧٩) .
(٤) ابن هشام، السيرة (م ١، ص ٤٣) . وابن حبيب، المحبّر (ص ١٥٦، ١٥٧) المنمق (ص ٢٧٣) . والطبري، تاريخ (ص ٢٨٠) . وابن حزم، جمهرة (ص ١٨٩) . وأبو البقاء، المناقب المزيدية (ص ٣٢٠) .
(٥) القالي، ذيل الأمالي (ص ٢٠١) . وكستر، الحيرة ومكة (ص ٤٣) .

<<  <   >  >>