للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان ثابت بن قيس الخزرجي (ت ١٢ هـ) يقوم بمهمة «الخطابة» ، فيرد على خطباء الوفود، يروي ابن إسحاق (ت ١٥١ هـ) أن وفد بني تميم جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، (٩ هـ) ، فقام شاعرهم وخطيبهم، فقالا شعرا ونثرا، فأمر النبي صلّى الله عليه وسلم حسان بن ثابت (ت ٥٤ هـ) ، وثابت بن قيس (ت ١٢ هـ) بإجابتهما ففعلا «١» ، وهكذا فقد كان النبي صلّى الله عليه وسلم يختار من أصحابه أهل الكفاءة لمكافأة متطلبات الوظيفة وحاجاتها.

كان الرسول صلّى الله عليه وسلم يوصي بالرئاسة حيث يوجد العمل الجماعي، وذلك يظهر من قوله: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم» «٢» ، وكانت هذه قاعدة عامة يطبقها النبي صلّى الله عليه وسلم في كل أحواله، فكان يدير الدولة بنفسه، ويشرف على شؤون الأقاليم البعيدة عن طريق استعمال عدد كبير ممن يجد فيهم الكفاءة من أصحابه.

ففي المدينة «عاصمة الدولة» أشرف النبي صلّى الله عليه وسلم على إدارتها إشرافا مباشرا، وكانت المناطق القريبة من المدينة تابعة إداريّا للرسول. وتشير المصادر إلى أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يعين نائبا له «٣» على إدارة المدينة في حال خروجه للجهاد أو الحج، فيصلي بالناس، ويشرف على تنفيذ متطلبات الناس المتبقين في المدينة، وكان أول من استعمل على المدينة ابن أم مكتوم (ت ١٥ هـ) فيذكر خليفة بن خياط (ت ٢٤٠ هـ) أن النبي صلّى الله عليه وسلم استعمله ثلاث عشرة مرة «٤» ويبدو أن استخلاف ابن أم مكتوم غالبا ما كان من أجل


- ٣٧٧، ٣٧٨، ٣٧٩) . وانظر: أشعار كعب بن مالك (ت ٥٠ هـ) في ابن هشام، السيرة (م ٢، ص ٥٦٢) . ابن سعد، الطبقات (ج ١، ص ٢٩٤) . الطبري، تاريخ (ج ٣، ص ١١٦) (الواقدي) .
(١) انظر: خطبه في ابن هشام، السيرة (م ٢، ص ٥٦٢) . ابن سعد، الطبقات (ج ١، ص ٢٩٤) . الطبري، تاريخ (ج ٣، ص ١١٦) (الواقدي) . ابن حزم، جوامع السيرة (ص ٢٨) . ابن عبد البر، الاستيعاب (ج ١، ص ٢٠٠) .
(٢) أبو داود، سليمان بن الأشعث السجستاني (ت ٢٧٥ هـ) سنن أبي داود، بيروت، دار الكتاب العربي، د. ت، (ج ٣، ص ٨١) . وفي حديث: «الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب» (ج ٣، ص ٨١) .
(٣) أول لقب لقب به نواب الرسول صلّى الله عليه وسلم وممثلوه هو لقب (أمير) والواقع أن هذا اللقب استعمل قبل الإسلام، ولكن استعماله كان يحمل معنى دنيويّا بحتا، أما في ظل الحكم الإسلامي فأصبح يحمل المعنى الديني والدنيوي معا، ويلاحظ أن الموظفين في زمن الرسول صلّى الله عليه وسلم كانوا يسمون عمالا وأمراء وولاة، ومن هنا فإنا نجد تداخلا في التسمية، فترد في المصادر إشارات إلى أن النبي صلّى الله عليه وسلم استعمل فلانا أو أقر فلانا أو ولّى فلانا.. إلخ. انظر: الأعظمي، الألقاب (ص ٤٥١) .
(٤) انظر: خليفة من خياط، تاريخ (ج ١، ص ٦١) . ابن عبد البر، الاستيعاب (ج ٣، ص ١١٩٨، ١١٩٩) . ذكرت كتب السير أنه استعمل في غزوة الأبواء، وبواط، وذي العشيرة، والسويق، وغطفان، وأحد، وحمراء الأسد، وذات الرقاع، وبدر، وبني النضير، والغابة، وغيرها. انظر: ابن سعد، الطبقات (ج ٢، ص ٣٦، ٣٩، ٤٩، ٥٨) . الطبري، تاريخ (ج ٢، ص ٥٥٥) (الواقدي) .

<<  <   >  >>