للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصلاة بالناس؛ وذلك لكونه ضريرا، وقد اتضح هذا من قول الحلبي (ت ١٠٤٤ هـ) : «إن استخلاف ابن أم مكتوم إنما كان على الصلاة بالمدينة دون القضايا والأحكام، فإن الضرير لا يجوز أن يحكم بين الناس؛ لأنه لا يدرك الأشخاص، ولا يدري لمن يحكم ولا على من يحكم» «١» ، وأيد ذلك الزرقاني (ت ١٢٢ هـ) حيث قال: «استعمل ابن أم مكتوم- أي على الصلاة بالناس- لأن المدينة لم يبق فيها إلا القليل الذين لا يتخاصمون» «٢» .

وذكرت المصادر عددا ممن أنابهم الرسول صلّى الله عليه وسلم على إدارة المدينة في حالة خروجه إلى الغزاة «٣» ، ويلاحظ من جريدة الأسماء الذين اختارهم الرسول صلّى الله عليه وسلم لذلك أنه لم يقتصر على اختيار شخص معين، ولكن بقي الإسلام والكفاءة والأمانة هي أسس الاختيار والتولية، أما ما ذكر عن الأقسام التابعة إداريّا للمدينة، وأشارت إليهما المصادر الجغرافية «٤» ، فلم تكن على هذه الصورة في زمن النبي صلّى الله عليه وسلم، وربما حدثت في السنين التالية عندما استقر الوضع الإداري للجزيرة العربية وفي المناطق الشمالية خاصة.

وكانت «مكة» واحدة إدارية، وتأتى في أهميتها بعد العاصمة، ولا سيما أنها تشتمل على المشاعر المقدسة، والتي يحج المسلمون إليها في كل عام، وقد انضمت مكة إلى الدولة الإسلامية في السنة الثامنة للهجرة بعد الفتح وعين عليها النبي صلّى الله عليه وسلم عتاب


(١) الحلبي، السيرة (ج ٢، ص ٢٧٠) .
(٢) الزرقاني، المواهب (ج ٢٠، ص ٢٤، ٢٥) .
(٣) من هؤلاء سعد بن عبادة (ت ١٥ هـ) في غزوة ودان (١ هـ) ، وسعد بن معاذ (ت ٥ هـ) في غزوة بواط، وأبو سلمة من عبد الأسد (ت ٣ هـ) في غزوة ذي العشيرة، وأبو لبابة «بشير بن عبد المنذر» (ت ٣٦ هـ) في غزوة السويق، وغزوة قينقاع، وعثمان بن عفان في غزوة ذي أمر، وغزوة غطفان، وذات الرقاع، وسباع بن عرفطة في غزوة دومة الجندل وغزوة خيبر، وعلي بن أبي طالب في غزوة تبوك، وأبو دهم بن الحصين في غزوة الفتح وغيرهم. انظر: ابن هشام، السيرة م ١، ص ٥٩٠، ٥٩١، ٥٩٨) ، (م ٢، ص ٤٦، ٤٩، ٢٠٩، ٢١٣، ٣٩٩) . ابن سعد، الطبقات، (ج ٢، ص ٨، ٩، ٢٩، ٣٠، ٣٤، ٣٥، ٦١، ٦٢، ١٠٦، ١٢٠، ١٢١، ١٦٥) .
(٤) أشارت هذه المصادر إلى أماكن وصفتها بأنها أعراض تابعة إداريّا للمدينة، فذكر ياقوت (٦٢٦ هـ) أن النخيل من أعراض المدينة، أي من قراها القريية منها. ويذكر السمهودي (ت ١٠١١ هـ) أن (ذو عظم) من أعراض المدينة، وينقل البكري (ت ٤٧٨ هـ) أن من أعراض المدينة فدك والفرع ورهاط، ويذكر ابن خرداذبه (توفي نحو ٢٨٠ هـ) أن من أعراض المدينة تيماء، ودومة الجندل، ومنها فدك وقرى عرينة والوحيدة وتمرة وخضرة وغيرها، ويذكر ابن الفقيه (توفى نحو ٣٤٠ هـ) مجموعة من الأعمال التابعة للمدينة. ويبدو من القوائم السابقة أن هذه الأعمال أو الأعراض تبعت المدينة في فترة لاحقة. انظر: ياقوت، معجم (ج ١، ص ٢٤٥٠) ، (ج ٥، ص ٤٥٠٢) . السمهودي، وفاء الوفا (ج ٤، ص ٢٦٧) . البكري، معجم (ص ١٢٠١) . ابن خرداذبه أبا القاسم عبيد الله (توفي نحو ٢٨٠ هـ) المسالك والممالك، بغداد مكتبة المثنى، د. ت (ص ١٢٨) . وابن الفقيه، مختصر كتاب البلدان (ص ٢٦) . العلي، إدارة الحجاز (ص ١٠) .

<<  <   >  >>