عليهم رحاها، وصمم عليهم أبناؤها، ظمأ إلى دمائهم، ولوا أدبارهم، ومنح الله أكتافهم، وأوقع بأسه بهم، فقتلت منهم جماعة لم يحترسوا من عذاب الله بتوبة، ولم يتحصنوا من عقابه بأمانة، ثم ثابت ثانية، فوقفوا بإزاء الأولياء، وعبر إليهم أشياعهم الغاوون من عسكرهم بباب الشماسية ألف رجل من أنجادهم في السفن، معاونين لهم على ضلالتهم، فانهض لهم محمد بن عبد الله خالد بن عمران والشاه بن ميكال مولى طاهر نحوهم، فنفذوا ببصيرة لا يتخونها فتور، ونية لا يلحقها تقصير، ومعهما العباس بن قارن مولى أمير المؤمنين.
فلما وافى الشاه فيمن معه أعداء الله، وكل بالمواضع التي يتخوف منها مدخل الكمناء، ثم حمل من توجه معه من القواد المسمين ماضين لا يغويهم الوعيد، ولا يشكون من الله في النصر والتأييد، فوضعوا أسيافهم فيهم، تمضي أحكام الله عليهم، حتى ألحقوهم بالمعسكر الذي كانوا عسكروا فيه وجاوزوه، وسلبوهم كل ما كان من سلاح وكراع وعتاد الحرب، فمن قتيل غودرت جثته بمصرعه، ونقلت هامته إلى مصير فيه معتبر لغيره، ومن لاجئ من السيف إلى الغرق لم يجره الله من حذاره، ومن أسير مصفود يقاد إلى دار أولياء الله وحزبه، ومن هارب بحشاشة نفسه، قد أسكن الله الخوف قلبه، فكانت النقمة بحمد الله واقعة بالفريقين ممن وافى الجانب الغربي قادما، ومن عبر إليهم من الجانب الشرقي منجدا، لم ينج منهم ناج، ولم يعتصم منهم بالتوبة معتصم، ولا أقبل إلى الله مقبل، فرقا أربعا يجمعها النار، ويشملها عاجل النكال، عظة ومعتبرا لأولي الأبصار، فكانوا كما قال اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ.
» ولم تزل الحرب بين الأولياء وبين الفرقة التي كانت في الجانب الشرقي والقتل محتفل في أعلامهم، والجراح فاشية فيهم، حتى إذا عاينوا ما أنزل الله بأشياعهم من البوار، وأحل بهم من النقمة والاستئصال، ما لهم من الله من عاصم، ولا من أوليائه ملجأ ولا موئل، ولوا منهزمين مفلولين منكوبين، قد