فمن ذلك ما كان من خلع المستعين أحمد بن محمد بن المعتصم نفسه من الخلافة، وبيعته للمعتز محمد بن جعفر المتوكل بن محمد المعتصم، والدعاء للمعتز على منبري بغداد ومسجدي جانبيها الشرقي منها والغربي، يوم الجمعة لأربع خلون من المحرم من هذه السنة، وأخذ البيعة له بها على من كان يومئذ بها من الجند.
وذكر أن ابن طاهر دخل على المستعين ومعه سعيد بن حميد حين كتب له بشروط الأمان، فقال له: يا أمير المؤمنين، قد كتب سعيد كتب الشروط وأكد غاية التأكيد، فنقرؤه عليك فتسمعه؟ فقال له المستعين: لا عليك! ألا تركتها يا أبا العباس، فما القوم بأعلم بالله منك، قد أكدت على نفسك قبلهم فكان ما قد علمت، فما رد عليه محمد شيئا.
ولما بايع المستعين المعتز، وأخذ عليه البيعة ببغداد، وأشهد عليه الشهود من بني هاشم والقضاة والفقهاء والقواد نقل من الموضع الذي كان به من الرصافة إلى قصر الحسن بن سهل بالمخرم هو وعياله وولده وجواريه، فأنزلوهم فيه جميعا، ووكل بهم سعيد بن رجاء الحضاري في أصحابه، وأخذ المستعين البردة والقضيب والخاتم، ووجه مع عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، وكتب معه:
أما بعد، فالحمد لله متمم النعم برحمته، والهادي إلى شكره بفضله، وصلى