فمما كان فيها من ذلك، العصبية التي هاجت بالشام بين أهلها.
ذكر الخبر عما صار إليه أمرها:
ذكر أن هذه العصبية لما حدثت بالشام بين أهلها، وتفاقم أمرها، اغتم بذلك من أمرهم الرشيد، فعقد لجعفر بْن يحيى على الشام، وقال له: إما أن تخرج أنت أو أخرج أنا، فقال له جعفر: بل أقيك بنفسي، فشخص في جلة القواد والكراع والسلاح، وجعل على شرطه العباس بْن محمد بْن المسيب بْن زهير، وعلى حرسه شبيب بْن حميد بْن قحطبة، فأتاهم فأصلح بينهم، وقتل زواقيلهم، والمتلصصة منهم، ولم يدع بها رمحا ولا فرسا، فعادوا إلى الأمن والطمأنينة، وأطفأ تلك النائرة، فقال منصور النمري لما شخص جعفر:
لقد أوقدت بالشام نيران فتنة ... فهذا أوان الشام تخمد نارها
إذا جاش موج البحر من آل برمك ... عليها، خبت شهبانها وشرارها
رماها أمير المؤمنين بجعفر ... وفيه تلاقى صدعها وانجبارها
رماها بميمون النقيبة ماجد ... تراضى به قحطانها ونزارها
تدلت عليهم صخرة برمكية ... دموغ لهام الناكثين انحدارها
غدوت تزجي غابة في رءوسها ... نجوم الثريا والمنايا ثمارها
إذا خفقت راياتها وتجرست ... بها الريح هال السامعين انبهارها
فقولوا لأهل الشام: لا يسلبنكم ... حجاكم طويلات المنى وقصارها