ونرجع الآن إلى الخبر عن عدو الله وعدو إبراهيم الذي كذب بما جاء به من عند الله، ورد عليه النصيحة التي نصحها له جهلا منه، واغترارا بحلم الله تعالى عنه، نمرود بن كوش بن كنعان بن حام بن نوح، وما آل إليه أمره في عاجل دنياه حين تمرد على ربه، مع إملاء الله إياه، وتركه تعجيل العذاب له على كفره به، ومحاولته إحراق خليله بالنار حين دعاه إلى توحيد الله والبراءة من الآلهة والأوثان، وأن نمرود لما تطاول عتوه وتمرده على ربه مع إملاء الله تعالى له- فيما ذكر- أربعمائة عام، لا تزيده حجج الله التي يحتج بها عليه، وعبره التي يريها إياه إلا تماديا في غيه، عذبه الله- فيما ذكر- في عاجل دنياه قدر إملائه إياه من المدة بأضعف خلقه، وذلك بعوضة سلطها عليه توغلت في خياشيمه فمكث أربعمائة سنه يعذب بها في حياته الدنيا.
ذكر الأخبار الواردة عنه بما ذكرت من جهله وما أحل الله به من نقمته:
حَدَّثَنِي الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن زيد بن أسلم، أن أول جبار كان في الأرض نمرود، وكان الناس يخرجون فيمتارون من عنده الطعام، فخرج إبراهيم يمتار مع من يمتار، فإذا مر به ناس قال: من ربكم؟ قالوا: أنت، حتى مر به إبراهيم، قال:
من ربك؟ قال: «رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ