للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشجاعة والنجدة! وما عسى أن يبلغ كيد من أرى من هؤلاء ولا سلاح معهم ولا عدة لهم ولا جنة تقيهم! فأوتر قوسه وتقدم، وابصره بعضهم فقصد نحوه وفي يده بارية مقيرة، وتحت إبطه مخلاة فيها حجارة، فجعل الخراساني كلما رمى بسهم استتر منه العيار، فوقع في باريته أو قريبا منه، فيأخذه فيجعله في موضع من باريته، قد هيأه لذلك، وجعله شبيها بالجعبة وجعل كلما وقع سهم أخذه، وصاح: دانق، أي ثمن النشابة دانق قد أحرزه، ولم يزل تلك حالة الخراساني وحال العيار حتى أنفذ الخراساني سهامه، ثم حمل على العيار ليضربه بسيفه، فأخرج من مخلاته حجرا، فجعله في مقلاع ورماه فما أخطأ به عينه، ثم ثناه بآخر، فكاد يصرعه عن فرسه لولا تحاميه، وكر راجعا وهو يقول: ليس هؤلاء بإنس، قَالَ: فحدثت أن طاهرا حدث بحديثه فاستضحك وأعفى الخراساني من الخروج إلى الحرب، فقال بعض شعراء بغداد في ذلك:

خرجت هذه الحروب رجالا ... لا لقحطانها ولا لنزار

معشرا في جواشن الصوف يغدون ... إلى الحرب كالأسود الضواري

وعليهم مغافر الخوص تجزيهم ... عن البيض، والتراس البواري

ليس يدرون ما الفرار إذا الأبطال ... عاذوا من القنا بالفرار

واحد منهم يشد على الفين ... عريان ماله من إزار

ويقول الفتى إذا طعن الطعنة ... : خذها من الفتى العيار

كم شريف قد أخملته وكم قد ... رفعت من مقامر طرار

ذكر خبر منع طاهر الملاحين من ادخال شيء الى بغداد

قال محمد بن جرير: وفي هذه السنه منع طاهر الملاحين وغيرهم من ادخال شيء الى بغداد الا الى من كان من عسكره منهم، ووضع الرصيد عليهم بسبب ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>