عند ركوب الخليفة الى الثريا بالقرب من طريقه، فإذا وازاهم وثبوا من ثلم كانت تهدمت في سور الحلبه، وأوقعوا به، ثم يخرجون ويحكمون على انهم شراه، فكان نصر حينئذ قد اراد كشف ذلك للمقتدر، وشاور من وثق به فيه، فقال له: لا تفعل، فلست بآمن الا يتضح الأمر للخليفة فتوحشه وترعبه، ثم يصير من اتهم بهذا عدوا لك وساعيا عليك، ولكن امنعه الركوب الى الثريا حتى تبنى ثلم السور، وان عزم على الركوب استعددت بالغلمان والعده، والزمتهم تلك المواضع المخوفه، وعملت مع هذا في استئلاف كل من سمى لك من هؤلاء القواد ومن تابعهم على مذهبهم، فمن كان منهم متعطلا من ولايه وليته ومن كان مستزيدا زدته، ومن كان خائفا آمنته، وان امكنك تفريقهم في الاعمال فرقتهم فيها.
وكان نصر رجلا عاقلا، فعمل براى من اشار عليه بهذا وسعى في ولايه بعض القوم، فاخرج واحدا الى سواد الكوفه، واخرج آخر الى ديار ربيعه ولما صفت الحال بين نصر ومؤنس واستالف نصر ثمل القهرمانه، وكانت متمكنه من المقتدر.
وظهر من امر الوزير عبد الله بن محمد ما ظهر، تكلموا في عزله، وشاوروا في رجل يصلح للوزارة مكانه، فمالت ثمل برأيها وعنايتها الى احمد الخصيبى، وكان يكتب لام المقتدر، وساعدها نصر على ذلك حتى تم له، وصح عزم المقتدر عليه.
[ذكر التقبض على الوزير الخاقانى وولايه احمد الخصيبى]
وقبض على الوزير عبد الله بن محمد الخاقانى لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر رمضان، ووكل به في منزله، فكانت ولايته ثمانية عشر شهرا، وخلع في هذا النهار على ابى العباس احمد بن عبيد الله بن احمد بن الخصيب للوزارة، وانصرف الى منزله بقنطرة الانصار، ثم جلس من الغد في دار سليمان بن وهب بمشرعه الصخر، فهابه الناس لموضعه من الخليفة بالوزارة التي صار إليها، لمحله من خدمه السيده وكتابتها،