وقد كان محمد بن خلف النيرمانى بذل في الوزارة ثلاثمائة الف دينار، فلم تقبل منه، لما عرف منه الجهل بالكتابه والتهور في الافعال.
واحضر ابن مقله يوم الخميس سادس عشر ربيع الاول، وقلد الوزارة، ووصل الى الخليفة وخلع عليه، وحمل اليه طعام على العادة التي جرت للوزارة إذا خلع عليهم.
ودس نصر الحاجب على على بن عيسى من ادعى مكاتبته القرمطى على يده، وذلك لعداوة بينه وبينه، ولممايله على لمؤنس.
وعزم الخليفة على ضرب على بن عيسى بالسياط على باب العامه، فوقفت السيده على بطلان الأمر فازالت من نفس المقتدر تصديق ذلك، وثنته عن رايه في معاقبته.
واتفق لابن مقله ما مشى به الأمور، انفاذه البريدى له- وكان بينهما موده- سفاتجا بثلاثمائة الف دينار، وغير ذلك من وجوه اخر.
وتغاير سواس هارون بن غريب على غلام امرد، فوقع الحرب بينهم، فاخذ نازوك سواس هارون وحبسهم، فسار اصحاب هارون الى مجلس الشرطه وضربوا خليفه نازوك، وأخذوا اصحابه فلم ينكر ذلك المقتدر فجمع نازوك رجاله وزحف الى دار هارون، فقتل من اصحابه قوما، ووقعت الحرب، فجاء ابن مقله ومفلح الأسود فاديا رساله إليهما عن المقتدر حتى كفا.
واقام مؤنس في داره مستوحشا، فأظهر ان ذلك لمرض في ساقه، وصار اليه هارون لابسا دراعه فاصطلحا.