وفيها أخذ إبراهيم بْن المهدي ليلة الأحد لثلاث عشرة من ربيع الآخر، وهو متنقب مع امرأتين في زي امرأة، أخذه حارس أسود ليلا، فقال: من أنتن؟ وأين تردن في هذا الوقت؟ فأعطاه إبراهيم- فيما ذكر- خاتم ياقوت كان في يده، له قدر عظيم، ليخليهن، فلما نظر الحارس إلى الخاتم استراب بهن، وقال: هذا خاتم رجل له شأن، فرفعهن إلى صاحب المسلحة، فأمرهن أن يسفرن، فتمنع إبراهيم، فجبذه صاحب المسلحة، فبدت لحيته، فرفعه إلى صاحب الجسر فعرفه، فذهب به إلى باب المأمون، فأعلم به، فأمر بالاحتفاظ به في الدار، فلما كان غداة الأحد أقعد في دار المأمون لينظر إليه بنو هاشم والقواد والجند، وصيروا المقنعة التي كان متنقبا بها في عنقه، والملحفة التي كان ملتحفا بها في صدره، ليراه الناس ويعلموا كيف أخذ فلما كان يوم الخميس حوله المأمون إلى منزل أحمد بْن أبي خالد فحبسه عنده، ثم اخرجه المأمون معه حيث خرج إلى الحسن بْن سهل بواسط، فقال الناس: إن الحسن كلمه فيه، فرضي عنه وخلى سبيله، وصيره عند أحمد بْن أبي خالد، وصير معه أحمد بْن يحيى بْن معاذ وخالد بْن يزيد بْن مزيد يحفظانه، إلا أنه موسع عليه، عنده أمه وعياله، ويركب إلى دار المأمون، وهؤلاء معه يحفظونه
. ذكر خبر قتل ابن عائشة
وفي هذه السنه قتل المأمون ابراهيم بن عائشة وصلبه.
ذكر الخبر عن سبب قتله إياه:
كان السبب في ذلك أن المأمون حبس ابن عائشة ومحمد بْن إبراهيم الأفريقي ورجلين من الشطار، يقال لأحدهما أبو مسمار وللآخر عمار، وفرج البغواري ومالك بْن شاهي وجماعة معهم ممن كان سعى في البيعة لإبراهيم، بعد أن