المدينة من أصحاب أبي أحمد، ودافعوا عن أنفسهم، وتراجعوا نحو دجلة حتى وافاها أكثرهم، فمنهم من دخل السفينة، ومنهم من قذف نفسه في الماء، فأخذه أصحاب الشذا، ومنهم من قتل وأصاب أصحاب الخبيث أسلحة وأسلابا، وثبت جماعة من غلمان أبي أحمد بحضرة دار ابن سمعان، ومعهم راشد وموسى بن أخت مفلح، في جماعة من قواد الغلمان كانوا آخر من ثبت من الناس، ثم أحاط بهم الزنج وكثروهم، وحالوا بينهم وبين الشذا، فدافعوا عن أنفسهم وأصحابهم، حتى وصلوا إلى الشذا فركبوها.
وأقام نحو من ثلاثين غلاما من الديالمة في وجوه الزنج وغيرهم، يحمون الناس، ويدفعون عنهم حتى سلموا، وقتل الثلاثون من الديالمة عن آخرهم، بعد ما نالوا من الفجار ما أحبوا، وعظم على الناس ما نالهم في هذه الوقعة، وانصرف ابو احمد بمن معه الى مدينته الموفقيه، وامر يجمعهم وعذلهم على ما كان منهم من مخالفة أمره، والافتيات عليه في رأيه وتدبيره، وتوعدهم بأغلظ العقوبة إن عادوا لخلاف أمره بعد ذلك، وامر بإحصاء المفقودين من اصحابه فاحصوا له، فأتي بأسمائهم، وأقر ما كان جاريا لهم على أولادهم وأهاليهم، فحسن موقع ذلك منهم، وزاد في صحة نياتهم لما رأوا من حياطته خلف من أصيب في طاعته.
[ذكر وقعه ابى العباس بمن كان يمد الزنج من الاعراب]
وفيها كانت لأبي العباس وقعة بقوم من الأعراب الذين كانوا يميرون الفاسق اجتاحهم فيها.
ذكر الخبر عن السبب الذي كانت من أجله هذه الوقعة:
ذكر أن الفاسق لما خرب البصرة ولاها رجلا من قدماء أصحابه يقال له أحمد بن موسى بن سعيد المعروف بالقلوص، فكان يتولى أمرها، وصارت