ثم ان المكتفي افاق وعقل امره، فقال له صافى الحرمي: لو راى امير المؤمنين ان يوجه الى عبد الله بن المعتز ومحمد بن المعتمد، فيوكل بهما في داره ويحبسهما فيها، فان الناس ذكروهما لهذا الأمر، وارجفوا بهما، فقال له المكتفي: هل بلغك ان أحدهما احدث بيعه علينا؟ فقال له صافى: لا، قال له: فما ارى لهما في ارجاف الناس ذنبا فلا تعرض لهما، ووقع الكلام بنفسه، وخاف ان يزول الأمر عن ولد ابيه، فكان إذا عرض له بشيء من هذا الأمر استجر فيه الحديث وتابع المعنى واهتبل به جدا.
وعرض لمحمد بن المعتمد في شهر رمضان فالج في مجلس العباس بن الحسن الوزير من غيظ اصابه في مناظره كانت بينه وبين ابن عمرويه صاحب الشرطه، فامر العباس ان يحمل في قبة من قبابه على افره بغاله، فحمل الى منزله في تلك الصورة، وانصرفت نفسه الى تأميل غيره.
ثم اشتدت العله بالمكتفى في أول ذي القعده، فسال عن أخيه ابى الفضل جعفر فصح عنده انه بالغ، فاحضر القضاه واشهدهم بانه قد جعل العهد اليه من بعده.
[ذكر وفاه المكتفي]
ومات المكتفي بالله على بن احمد ليله الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعده سنه خمس وتسعين ومائتين، ودفن يوم الاثنين في دار محمد بن عبد الله بن طاهر.
وكانت خلافته ست سنين وتسعه عشر يوما، وكان يوم توفى ابن اثنتين وثلاثين سنه.
وكان ولد سنه اربع وستين ومائتين وكنيته ابو محمد، وأمه أم ولد تركية، وكان جميلا رقيق اللون حسن الشعر، وافر اللحية.
وولد أبا القاسم عبد الله المستكفى، ومحمدا أبا احمد، والعباس، وعبد الملك، وعيسى، وعبد الصمد، والفضل، وجعفرا، وموسى، وأم محمد، وأم الفضل، وأم سلمه، وأم العباس، وأم العزيز، وأسماء، وساره وأمه الواحد.
قال: وكان جعفر بن المعتضد بدار ابن طاهر التي هي مستقر اولاد الخلفاء فتوجه فيه صافى الحرمي لساعتين بقيتا من ليله الأحد واحضره القصر وقد كان العباس