فمن ذلك ما كان من حصر عبد الله بْن طاهر نصر بْن شبث وتضييقه عليه، حتى طلب الأمان، فذكر عن جعفر بْن محمد العامري أنه قَالَ: قَالَ المأمون لثمامة: ألا تدلني على رجل من أهل الجزيرة له عقل وبيان ومعرفة، يؤدي عني ما أوجهه به إلى نصر بْن شبث؟ قَالَ: بلى يا أمير المؤمنين، رجل من بنى عامر يقال له جعفر بْن محمد، قَالَ له: أحضرنيه، قَالَ جعفر: فأحضرني ثمامة، فأدخلني عليه، فكلمني بكلام كثير، ثم أمرني أن أبلغه نصر بْن شبث.
قَالَ: فأتيت نصرا وهو بكفر عزون بسروج، فأبلغته رسالته، فأذعن وشرط شروطا، منها ألا يطأ له بساطا قَالَ: فأتيت المأمون فأخبرته، فقال:
لا أجيبه والله إلى هذا أبدا، ولو أفضيت إلى بيع قميصي حتى يطأ بساطي، وما باله ينفر مني! قَالَ: قلت: لجرمه وما تقدم منه، فقال: أتراه أعظم جرما عندي من الفضل بْن الربيع ومن عيسى بْن أبي خالد! أتدري ما صنع بي الفضل! أخذ قوادي وجنودي وسلاحي وجميع ما أوصى به لي أبي، فذهب به إلى محمد وتركني بمرو وحيدا فريدا وأسلمني، وأفسد علي أخي، حتى كان من أمره ما كان، وكان أشد علي من كل شيء أتدري ما صنع بي عيسى بْن أبي خالد! طرد خليفتي من مدينتي ومدينة آبائي، وذهب بخراجي وفيئي، وأخرب علي دياري، وأقعد إبراهيم خليفة دوني، ودعاه باسمي.
قَالَ: قلت: يا أمير المؤمنين، أتأذن لي في الكلام فأتكلم؟ قَالَ: تكلم، قلت: الفضل بْن الربيع رضيعكم ومولاكم، وحال سلفه حالكم، وحال سلفكم حاله، ترجع عليه بضروب كلها تردك اليه، واما عيسى بْن أبي خالد فرجل