قال: وفيها نزع ابن الزبير جابر بن الأسود بن عوف عن المدينة، واستعمل عليها طلحة بن عبد الله بن عوف قال: وهو آخر وال لابن الزبير على المدينة، حتى قدم عليها طارق بن عمرو مولى عثمان، فهرب طلحة، وأقام طارق بالمدينة حتى كتب إليه عبد الملك.
وحج بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السنة عَبْد اللَّهِ بن الزبير في قول الواقدى
. خطبه عبد الله بن الزبير بعد مقتل مصعب
وذكر أبو زيد عن أبي غسان مُحَمَّد بن يحيى، قال: حدثنى مصعب ابن عثمان، قال: لما انتهى إلى عبد الله بن الزبير قتل مصعب قام في الناس فقال:
الحمد لله الذي له الخلق والأمر، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء ألا وإنه لم يذلل الله من كان الحق معه، وإن كان فردا، ولم يعزز من كان وليه الشيطان وحزبه وإن كان معه الأنام طرا ألا وإنه قد أتانا من العراق خبر حزننا وأفرحنا، أتانا قتل مصعب رحمة الله عليه، فأما الذي أفرحنا فعلمنا أن قتله له شهادة، وأما الذي حزننا فإن لفراق الحميم لوعة يجدها حميمه عند المصيبة، ثم يرعوي من بعدها ذو الرأي إلى جميل الصبر وكريم العزاء، ولئن أصبت بمصعب لقد أصبت بالزبير قبله، وما أنا من عثمان بخلو مصيبة، وما مصعب إلا عبد من عبيد الله وعون من أعواني إلا أن أهل العراق أهل الغدر والنفاق، أسلموه وباعوه بأقل الثمن، فإن يقتل فإنا والله ما نموت على مضاجعنا كما تموت بنو أبي العاص، والله ما قتل منهم رجل في زحف في الجاهلية ولا الإسلام، وما نموت إلا قعصا بالرماح، وموتا تحت ظلال السيوف ألا انما الدنيا عارية من الملك الأعلى الذي لا يزول سلطانه، ولا يبيد ملكه، فإن تقبل لا آخذها أخذ الأشر البطر، وإن تدبر لا ابك عليها بكاء الحرق المهين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم