خبر دارا الأكبر وابنه دارا الأصغر ابن دارا الأكبر وكيف كان هلاكه مع خبر ذي القرنين
وملك دارا بن بهمن بن إسفنديار بن بشتاسب، وكان ينبه بجهرازاد- يعني به كريم الطبع- فذكروا أنه نزل بابل، وكان ضابطا لملكه، قاهرا لمن حوله من الملوك، يؤدون إليه الخراج، وأنه ابتنى بفارس مدينة سماها دارابجرد، وحذف دواب البرد ورتبها، وكان معجبا بابنه دارا، وأنه من حبه إياه سماه باسم نفسه، وصير له الملك من بعده، وأنه كان له وزير يسمى رستين محمودا في عقله، وأنه شجر بينه وبين غلام تربى مع دارا الأصغر، يقال له برى شر وعداوة، فسعى رستين عليه عند الملك، فقيل: إن الملك سقى برى شربه مات منها، واضطغن دارا على رستين الوزير وجماعة من القواد، كانوا عاونوه على برى ما كان منهم، وكان ملك دارا اثنتي عشرة سنة.
ثم ملك من بعده ابنه دارا بن دارا بن بهمن، وكانت أمه ماهيا هند بنت هزار مرد بن بهرادمه، فلما عقد التاج على رأسه قَالَ: لن ندفع أحدا في مهوى الهلكة، ومن تردى فيها لم نكففه عنها وقيل إنه بنى بأرض الجزيرة مدينة دارا، واستكتب أخا برى واستوزره لأنسه كان به وبأخيه، فأفسد قلبه على أصحابه، وحمله على قتل بعضهم، فاستوحشت لذلك منه الخاصة والعامة، ونفروا عنه، وكان شابا غرا حميا حقودا جبارا.
وحدثت عن هشام بن مُحَمَّد قَالَ: ملك من بعد دارا بن أردشير دارا ابن دارا أربع عشرة سنة، فأساء السيرة في رعيته، وقتل رؤساءهم، وغزاه الإسكندر على تئفة ذلك، وقد مله أهل مملكته وسئموه، وأحبوا الراحة منه، فلحق كثير من وجوههم وأعلامهم بالإسكندر، فأطلعوه على عورة دارا، وقووه عليه،