قَالَ: فَوَثَبَ الْمُهَاجِرِيُّ، فَلَمَّا رَآهُمَا الرَّجُلُ، عَرَفَ أَنَّهُمْ قَدْ نَذَرُوا بِهِ، وَلَمَّا رَأَى الْمُهَاجِرِيُّ مَا بِالأَنْصَارِيِّ مِنَ الدِّمَاءِ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! افلا، اهببتنى أَوَّلَ مَا رَمَاكَ! قَالَ: كُنْتُ فِي سُورَةٍ أَقْرَؤُهَا فَلَمْ أُحِبَّ أَنْ أَقْطَعَهَا حَتَّى أَنْفِدَهَا، فلما تتابع على الرمى ركعت فَآذَنْتُكَ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْلا أَنْ أُضَيِّعَ ثَغْرًا أمرني رسول الله ص بِحِفْظِهِ لَقُطِعَ نَفَسِي قَبْلَ أَنْ أَقْطَعَهَا أَوْ أَنْفِدَهَا
. ذِكْرُ الْخَبَرِ عَنْ غَزْوَةِ السَّوِيقِ
وَهِيَ غزوه النبي ص بَدْرًا الثَّانِيَةَ لِمِيعَادِ أَبِي سُفْيَانَ.
حَدَّثَنَا ابْنُ حميد، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن ابن إسحاق، قال:
لما قدم رسول الله ص الْمَدِينَةَ مِنْ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، أَقَامَ بِهَا بقية جمادى الاولى وجمادى الآخرة ورجب، ثُمَّ خَرَجَ فِي شَعْبَانَ إِلَى بَدْرٍ لِمِيعَادِ أَبِي سُفْيَانَ حَتَّى نَزَلَهُ، فَأَقَامَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَ لَيَالٍ يَنْتَظِرُ أَبَا سُفْيَانَ، وَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ فِي أَهْلِ مَكَّةَ، حَتَّى نَزَلَ مَجَنَّةَ مِنْ نَاحِيَةِ مَرِّ الظَّهْرَانِ- وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: قَدْ قَطَعَ عُسْفَانَ- ثُمَّ بَدَا لَهُ الرُّجُوعُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّهُ لا يُصْلِحُكُمْ إِلا عَامُ خِصْبٍ تَرْعونَ فِيهِ الشَّجَرَ، وَتَشْرَبُونَ فِيهِ اللَّبَنَ، وَإِنَّ عَامَكُمْ هَذَا عَامُ جَدْبٍ، وَإِنِّي رَاجِعٌ فَارْجِعُوا فَرَجَعَ وَرَجَعَ النَّاسُ، فَسَمَّاهُم أَهْلُ مَكَّةَ جَيْشَ السَّوِيقِ يَقُولُونَ:
إِنَّمَا خَرَجْتُمْ تَشْرَبُونَ السويق.
فأقام رسول الله ص عَلَى بَدْرٍ يَنْتَظِرُ أَبَا سُفْيَانَ لِمِيعَادِهِ، فَأَتَاهُ مَخْشِيُّ بْنُ عَمْرٍو الضَّمْرِيُّ، وَهُوَ وَالَّذِي وَادَعَهُ عَلَى بَنِي ضَمْرَةَ فِي غَزْوَةِ وَدَّانَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَجِئْتَ لِلِقَاءِ قُرَيْشٍ عَلَى هَذَا الْمَاءِ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا أَخَا بَنِي ضَمْرَةَ، وَإِنْ شِئْتَ مَعَ ذَلِكَ رَدَدْنَا إِلَيْكَ مَا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute