للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سنه خمس وثلاثين وثلاثمائة]

توفى هذه السنه على بن عيسى بن داود بن الجراح، وزير المقتدر بالله رحمهما الله، وهو من دورقنى.

قال ابو سهل بن زياد القطان: كنت معه لما نفى الى مكة، فدخلناها في حر شديد، وقد كاد يتلف، فطاف وسعى، وجاء فالقى نفسه، وهو كالميت من الحر والتعب، تلق قلقا شديدا، وقال: اشتهى على الله شربه ماء مثلوج، فقلت: سيدنا ايده الله، يعلم ان هذا مما لا يوجد بهذا المكان، فقال: هو كما قلت، ولكن نفسي ضاقت عن ستر هذا القول فاسترحت الى المنى.

قال: وخرجت من عنده، فرجعت الى المسجد الحرام، فما استقررت فيه حتى نشأت سحابه وكثفت ورعدت رعدا شديدا متصلا، ثم جاء مطر شديد وبرد كثير، فبادرت الى الغلمان، وقلت: اجمعوا، فجمعنا شيئا كثيرا وملانا منه جرارا.

فلما كان وقت المغرب وقد حان إفطاره، جئته بذلك، وقلت: أنت مقبل والنكبه ستزول، ومن علامات الاقبال انك طلبت ماء ثلج وهذا ما طلبته.

فاخذ يسقى كل من في المسجد من المجاورين والصوفية السويق بالسكر والبلح، ولم يشرب حتى مضى قطعه من الليل وقد شربوا اجمع، فقال: الحمد لله، ليتنى كنت تمنيت المغفره، بدلا من الثلج، فلعلى كنت أجاب.

ولم أزل به حتى شرب، ومدحه بعض الشعراء فقال فيه:

بحسبك انى لا ارى لك عائبا ... سوى حاسد والحاسدون كثير

وانك مثل الغيث اما سحابه ... فمزن واما ماؤه فطهور

قال ابن كامل القاضى: سمعت على بن عيسى يقول: كسبت سبعمائة الف دينار، اخرجت منها في وجوه البر ستمائه وثمانين ألفا.

وحكى هلال بن المحسن، قال: قال ابو على بن محفوظ: لما ورد معز الدولة وابو جعفر الصيمرى معه الى بغداد، اراد ابو الحسن على بن عيسى الركوب اليه،

<<  <  ج: ص:  >  >>