للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يوم أغواث

كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا:

وكان سَعْدٌ قَدْ تَزَوَّجَ سَلْمَى بِنْتَ خَصَفَةَ، امْرَأَةَ الْمُثَنَّى بْنَ حَارِثَةَ قبله بِشَرَافَ، فَنَزَلَ بِهَا الْقَادِسِيَّةَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أَرْمَاثَ، وَجَالَ النَّاسُ، وَكَانَ لا يُطِيقُ جِلْسَةً إِلا مُسْتَوْفِزًا أَوْ عَلَى بَطْنِهِ، جَعَلَ سَعْدٌ يَتَمَلْمَلُ وَيَحُولُ جَزَعًا فَوْقَ الْقَصْرِ، فَلَمَّا رَأَتْ مَا يَصْنَعُ أَهْلُ فارس، قالت: وا مثنياه وَلا مُثَنَّى لِلْخَيْلِ الْيَوْمَ! - وَهِيَ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَضْجَرَهُ مَا يَرَى مِنْ أَصْحَابِهِ وَفِي نَفْسِهِ- فَلَطَمَ وَجْهَهَا، وَقَالَ: أَيْنَ الْمُثَنَّى مِنْ هَذِهِ الْكَتِيبَةِ الَّتِي تَدُورُ عَلَيْهَا الرَّحَى! - يَعْنِي أَسَدًا وعَاصِمًا وَخَيْلَهُ- فَقَالَتْ: أَغَيْرَةً وَجُبْنًا! قَالَ: وَاللَّهِ لا يَعْذِرُنِي الْيَوْمَ أَحَدٌ إِذَا أَنْتِ لَمْ تَعْذِرِينِي وَأَنْتِ تَرَيْنَ مَا بِي، وَالنَّاسُ أَحَقُّ أَلا يَعْذِرُونِي! فَتَعَلَّقَهَا النَّاسُ، فَلَمَّا ظَهَرَ النَّاسُ لَمْ يَبْقَ شَاعِرٌ إِلا اعْتَدَّ بِهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ غَيْرَ جَبَانٍ وَلا مَلُومٍ وَلَمَّا اصبح القوم من الغد أصبحوا على تعبئة، وَقَدْ وَكَّلَ سَعْدٌ رِجَالا بِنَقْلِ الشُّهَدَاءِ إِلَى الْعُذَيْبِ وَنَقْلِ الرَّثِيثِ، فَأَمَّا الرَّثِيثُ فَأُسْلِمَ إِلَى النِّسَاءِ يَقُمْنَ عَلَيْهِمْ إِلَى قَضَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا الشُّهَدَاءُ فَدَفَنُوهُمْ هُنَالِكَ عَلَى مُشَرِّقٍ- وَهُوَ وَادٍ بَيْنَ الْعُذَيْبِ وَبَيْنَ عَيْنِ الشَّمْسِ فِي عَدْوَتَيْهِ جَمِيعًا، الدُّنْيَا مِنْهُمَا إِلَى الْعُذَيْبِ وَالْقُصْوَى مِنْهُمَا مِنَ الْعُذَيْبِ- وَالنَّاسُ يَنْتَظِرُونَ بِالْقِتَالِ حَمْلَ الرَّثِيثِ وَالأَمْوَاتِ، فَلَمَّا اسْتَقَلَّتْ بِهِمُ الإِبِلُ وَتَوَجَّهَتْ بِهِمْ نَحْوَ الْعُذَيْبِ طَلَعَتْ نَوَاصِي الْخَيْلِ مِنَ الشَّامِ- وَكَانَ فَتْحُ دِمَشْقَ قَبْلَ الْقَادِسِيَّةِ بِشَهْرٍ- فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ كِتَابُ عُمَرَ بِصَرْفِ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَصْحَابِ خَالِدٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ خَالِدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>