للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر خبر فتح البذ مدينه بابك]

وفي هذه السنة فتحت البذ مدينة بابك، ودخلها المسلمون، واستباحوها، وذلك في يوم الجمعة لعشر بقين من شهر رمضان في هذه السنة.

ذكر الخبر عن أمرها وكيف فتحت والسبب في ذلك:

ذكر أن الأفشين لما عزم على الدنو من البذ والارتحال من كلان روذ جعل يزحلف قليلا قليلا- على خلاف زحفه قبل ذلك- إلى المنازل التي كان ينزلها، فكان يتقدم الأميال الأربعة، فيعسكر في موضع على طريق المضيق الذي ينحدر إلى روذ الروذ، ولا يحفر خندقا، ولكنه يقيم معسكرا في الحسك، وكتب اليه المعتصم يأمره أن يجعل الناس نوائب كراديس تقف على ظهور الخيل، كما يدور العسكر بالليل، فبعض القوم معسكرون وبعض وقوف على ظهور دوابهم على ميل كما يدور العسكر بالليل والنهار مخافة البيات، كي إن دهمهم امر يكون الناس على تعبئة والرجالة في العسكر، فضج الناس من التعب، وقالوا: كم نقعدها هنا في المضيق ونحن قعود في الصحراء، وبيننا وبين العدو اربعه فراسخ، ونحن نفعل فعلا، كان العدو بازائنا! قد استحينا من الناس والجواسيس الذين يمرون بيننا وبين العدو اربعه فراسخ، ونحن قد متنا من الفزع، أقدم بنا، فإما لنا وإما علينا، فقال: أنا والله أعلم أن ما تقولون حق، ولكن أمير المؤمنين أمرني بهذا ولا أجد منه بدا.

فلم يلبث أن جاءه كتاب المعتصم يأمره أن يتحرى بدراجه الليل على حسب ما كان، فلم يزل كذلك أياما، ثم انحدر في خاصته حتى نزل إلى روذ الروذ، وتقدم حتى شارف الموضع الذي به الركوة التي واقعه عليها بابك في العام الماضي، فنظر إليها، ووجد عليها كردوسا من الخرمية، فلم يحاربوه ولم يحاربهم، فقال بعض العلوج: ما لكم تجيئون وتفرون! أما تستحيون! فأمر الأفشين ألا يجيئوهم ولا يبرز إليهم أحد، فلم يزل مواقفهم إلى قريب

<<  <  ج: ص:  >  >>