خرج الدمستق في جموع كثيره الى بلاد الاسلام، فوطئها واثر الآثار القبيحه فيها، واستباح نصيبين، واقام بها خمسه وعشرين يوما، وانفذ اليه ابو تغلب ما لا هادنه به.
واتى المستغيبون من اهل تلك البلاد الى بغداد، وضجوا في الجامع، وكسروا المنابر، ومنعوا من الخطبه، وصاروا الى دار المطيع لله، وقلعوا بعض شبابيكها.
وكان عز الدولة بالكوفه، فخرج اليه ابو بكر الرازى، وابو الحسين على بن عيسى الرماني، وابو محمد الداركى وابن الدقاق، في خلق من اهل العلم والدين، مستنفرين ووبخوه على حرب عمران بن شاهين، وصرف زمانه الى القبض على ارباب الدواوين وعدوله عن مصالح المسلمين.
فادى اجتهاد ابى الفضل الشيرازى، ان قال للمطيع لله: يجب ان تعطى ما تصرفه في نفقه المجاهدين، فقال المطيع لله: انما يجب على ذلك، إذا كنت مالكا لأمري، وكانت الدنيا في يدي، فاما ان أكون محصورا ليس في يدي غير القوت، الذى يقصر عن كفايتي، فما يلزمني غزو ولا حج، وانما لي منكم الاسم على المنبر، فان آثرتم ان اعتزل اعتزلت.
والتزم له بعد ذلك أربعمائة الف درهم باع بها انقاض داره وثيابه.
ثم وصل الخبر بان الدمستق قصد أمد، فخرج اليه واليها هزار مرد، مولى ابى الهيجاء بن حمدان وانضم اليه هبه الله بن ناصر الدولة، وساعدهم اهل الثغور، فنصرهم الله تعالى، وكثر القتل والاسر لأصحاب الدمستق، وأخذ مأسورا، وذلك في ثانى شوال.
وكان اكثر السبب في خذلان الله تعالى للروم ان هبه الله تعالى متقدمهم في مضيق، وقد تقدم عسكره ولم يتأهب، فكانت الحال في اسره كما وصفنا.
وكتب ابو تغلب كتابا الى المطيع لله، يخبره بالحال، وكتب الصابى الجواب عنه،