فمما كان من ذلك حبس محمد بْن هارون أسد بْن يزيد بْن مزيد، وتوجيهه أحمد بْن مزيد وعبد الله بْن حميد بْن قحطبة إلى حلوان لحرب طاهر.
ذكر الخبر عن سبب حبسه وتوجيهه من ذكرت:
ذكر عن عبد الرحمن بْن وثاب أن أسد بْن يزيد بْن مزيد حدثه، أن الفضل بن الربيع بعث إليه بعد مقتل عبد الرحمن الأبناوي قَالَ: فأتيته، فلما دخلت عليه وجدته قاعدا في صحن داره، وفي يده رقعة قد قرأها، واحمرت عيناه، واشتد غضبه، وهو يقول: ينام نوم الظربان، وينتبه انتباه الذئب، همه بطنه، يخاتل الرعاء والكلاب ترصده.
لا يفكر في زوال نعمة، ولا يروي في إمضاء رأي ولا مكيدة، قد ألهاه كأسه، وشغله قدحه، فهو يجري في لهوه، والأيام توضع في هلاكه، قد شمر عبد الله له عن ساقه، وفوق له اصوب أسهمه، يرميه على بعد الدار بالحتف النافذ، والموت القاصد، قد عبى له المنايا على متون الخيل، وناط له البلاء في أسنة الرماح وشفار السيوف ثم استرجع، وتمثل بشعر البعيث:
ومجدولة جدل العنان خريدة ... لها شعر جعد ووجه مقسم
وثغر نقي اللون عذب مذاقه ... تضيء لها الظلماء ساعة تبسم