للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حدثني أحمد بْن زهير- أحسبه عن عمه زاهر بْن حرب- أن سبب هلاك جعفر والبرامكة أن الرشيد كان لا يصبر عن جعفر وعن أخته عباسة بنت المهدي، وكان يحضرهما إذا جلس للشرب، وذلك بعد أن أعلم جعفرا قلة صبره عنه وعنها، وقال لجعفر: أزوجكها ليحل لك النظر إليها إذا احضرتها مجلسى، وتقدم اليه ألا يمسها، ولا يكون منه شيء مما يكون للرجل إلى زوجته، فزوجها منه على ذلك، فكان يحضرهما مجلسه إذا جلس للشرب، ثم يقوم عن مجلسه ويخليهما، فيثملان من الشراب، وهما شابان، فيقوم إليها جعفر فيجامعها، فحملت منه وولدت غلاما، فخافت على نفسها من الرشيد إن علم بذلك، فوجهت بالمولود مع حواضن له من مماليكها إلى مكة، فلم يزل الأمر مستورا عن هارون، حتى وقع بين عباسة وبين بعض جواريها شر، فأنهت أمرها وأمر الصبي إلى الرشيد، وأخبرته بمكانه، ومع من هو من جواريها، وما معه من الحلي الذي كانت زينته به أمه، فلما حج هارون هذه الحجة، أرسل إلى الموضع الذي كانت الجارية أخبرته أن الصبي به من يأتيه بالصبي وبمن معه من حواضنه، فلما أحضروا سأل اللواتي معهن الصبي، فأخبرنه بمثل القصة التي أخبرته بها الرافعة على عباسة، فأراد- فيما زعم- قتل الصبي، ثم تحوب من ذلك.

وكان جعفر يتخذ للرشيد طعاما كلما حج بعسفان فيقريه إذا انصرف شاخصا من مكة إلى العراق، فلما كان في هذا العام، اتخذ الطعام جعفر كما كان يتخذه هنالك، ثم استزاره فاعتل عليه الرشيد، ولم يحضر طعامه، ولم يزل جعفر معه حتى نزل منزله من الأنبار، فكان من أمره وأمر أبيه ما أنا ذاكره إن شاء الله تعالى.

[ذكر الخبر عن مقتل جعفر]

ذكر الفضل بْن سليمان بْن علي أن الرشيد حج في سنة ست وثمانين ومائة

<<  <  ج: ص:  >  >>