شديدا طويلا ثم إن اللَّه عز وجل هزمهم، وقال خالد للمسلمين: ألحوا عليهم ولا ترفهوا عنهم، فجعل صاحب الخيل يحشر منهم الزمرة برماح أصحابه، فإذا جمعوهم قتلوهم، فقتل يوم الفراض في المعركة وفي الطلب مائة ألف، وأقام خالد على الفراض بعد الوقعة عشرا، ثم أذن في القفل إلى الحيرة لخمس بقين من ذي القعدة، وأمر عاصم بْن عمرو أن يسير بهم، وأمر شجرة بْن الأعز أن يسوقهم، وأظهر خالد أنه في الساقة
. حجة خالد
قال أبو جعفر: وخرج خالد حاجا من الفراض لخمس بقين من ذي القعدة، مكتتما بحجه، ومعه عدة من أصحابه، يعتسف البلاد حتى أتى مكة بالسمت، فتأتى له من ذلك ما لم يتأت لدليل ولا رئبال، فسار طريقا من طرق أهل الجزيرة، لم ير طريق أعجب منه، ولا أشد على صعوبته منه، فكانت غيبته عن الجند يسيرة، فما توافى إلى الحيرة آخرهم حتى وافاهم مع صاحب الساقة الذي وضعه فقدما معا، وخالد وأصحابه محلقون، لم يعلم بحجه إلا من أفضى إليه بذلك من الساقة، ولم يعلم أبو بكر رحمه اللَّه بذلك إلا بعد، فعتب عليه وكانت عقوبته إياه أن صرفه إلى الشام وكان مسير خالد من الفراض أن استعرض البلاد متعسفا متسمتا، فقطع طريق الفراض ماء العنبري، ثم مثقبا، ثم انتهى إلى ذات عرق، فشرق منها، فأسلمه إلى عرفات من الفراض، وسمي ذلك الطريق الصد، ووافاه كتاب من أبي بكر منصرفه من حجه بالحيرة يأمره بالشام، يقاربه ويباعده.
قال أبو جعفر: قالوا: فوافى خالدا كتاب أبي بكر بالحيرة، منصرفه من حجه: أن سر حتى تأتي جموع المسلمين باليرموك، فإنهم قد شجوا