وفي هذه السنه كان خروج الحسين ع مِنْ مَكَّةَ متوجها إِلَى الْكُوفَةِ.
ذكر الخبر عن مسيره إِلَيْهَا وما كَانَ من أمره فِي مسيره ذَلِكَ:
قَالَ هِشَام عن أبي مخنف: حَدَّثَنِي الصَّقْعَبُ بْنُ زُهَيْرٍ، عَنْ عُمَر بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ المخزومي، قَالَ: لما قدمت كتب أهل العراق إِلَى الْحُسَيْن وتهيأ للمسير إِلَى العراق، أتيته فدخلت عَلَيْهِ وَهُوَ بمكة، فحمدت اللَّه وأثنيت عَلَيْهِ، ثُمَّ قلت: أَمَّا بَعْدُ، فإني أتيتك يا بن عم لحاجة أريد ذكرها لك نصيحة، فإن كنت ترى أنك تستنصحني وإلا كففت عما اريد ان اقول، فقال: قل، فو الله ما اظنك بسيئ الرأي، ولا هو للقبيح من الأمر والفعل، قَالَ: قلت لَهُ: إنه قَدْ بلغني أنك تريد المسير إِلَى العراق، وإني مشفق عَلَيْك من مسيرك، إنك تأتي بلدا فِيهِ عماله وأمراؤه، ومعهم بيوت الأموال، وإنما الناس عبيد لهذا الدرهم والدينار، وَلا آمن عَلَيْك أن يقاتلك من وعدك نصره، ومن أنت أحب إِلَيْهِ ممن يقاتلك مَعَهُ، [فقال الحسين: جزاك الله خيرا يا بن عم، فقد وَاللَّهِ علمت أنك مشيت بنصح، وتكلمت بعقل، ومهما يقض من أمر يكن، أخذت برأيك أو تركته، فأنت عندي أحمد مشير، وأنصح ناصح] .
قَالَ: فانصرفت من عنده فدخلت عَلَى الْحَارِث بن خَالِد بن الْعَاصِ بن هِشَام، فسألني: هل لقيت حسينا؟ فقلت له: نعم، قال: فما قَالَ لك، وما قلت لَهُ؟ قَالَ: فقلت لَهُ: قلت كذا وكذا، وَقَالَ كذا وكذا، فَقَالَ:
نصحته ورب المروة الشهباء، أما ورب البنية إن الرأي لما رأيته، قبله أو تركه، ثُمَّ قَالَ: