ثم دخلت
تفريق علي عماله عَلَى الأمصار
ولما دخلت سنة ست وثلاثين فرق علي عماله، فَمِمَّا كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ، قَالا: بَعَثَ عَلِيٌّ عُمَّالَهُ عَلَى الأَمْصَارِ، فَبَعَثَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ عَلَى الْبَصْرَةِ، وَعُمَارَةَ بْنَ شِهَابٍ عَلَى الْكُوفَةِ، وَكَانَتْ لَهُ هِجْرَةٌ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَلَى الْيَمَنِ، وَقَيْسَ بْنَ سَعْدٍ عَلَى مِصْرَ، وَسَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ عَلَى الشَّامِ، فَأَمَّا سَهْلٌ فَإِنَّهُ خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِتَبُوكَ لَقِيَتْهُ خَيْلٌ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَمِيرٌ، قَالُوا: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: عَلَى الشَّامِ، قَالُوا: إِنْ كَانَ عُثْمَانُ بَعَثَكَ فَحَيَّهَلا بِكَ، وَإِنْ كَانَ بعثك غيره فارجع! قال: او ما سَمِعْتُمْ بِالَّذِي كَانَ؟ قَالُوا: بَلَى، فَرَجَعَ إِلَى عَلِيٍّ وَأَمَّا قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ فَإِنَّهُ لَمَّا انْتَهَى إِلَى أَيْلَةَ لَقِيَتْهُ خَيْلٌ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ فَالَّةِ عُثْمَانَ، فَأَنَا أَطْلُبُ مَنْ آوِي إِلَيْهِ وَأَنْتَصِرُ بِهِ، قَالُوا: مَنْ أنت؟ قال: قيس ابن سَعْدٍ، قَالُوا: امْضِ، فَمَضَى حَتَّى دَخَلَ مِصْرَ، فَافْتَرَقَ أَهْلُ مِصْرَ فِرَقًا، فِرْقَةٌ دَخَلَتْ فِي الْجَمَاعَةِ وَكَانُوا مَعَهُ، وَفِرْقَةٌ وَقَفَتْ وَاعْتَزَلَتْ إِلَى خَرِبَتَا وَقَالُوا: إِنْ قُتِلَ قَتَلَةُ عُثْمَانَ فَنَحْنُ مَعَكُمْ، وَإِلا فَنَحْنُ عَلَى جَدِيلَتِنَا حَتَّى نُحَرِّكَ أَوْ نُصِيبَ حَاجَتَنَا، وَفِرْقَةٌ قَالُوا: نَحْنُ مَعَ عَلِيٍّ مَا لَمْ يُقِدْ إِخْوَانَنَا، وَهُمْ فِي ذَلِكَ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَكَتَبَ قَيْسٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ وَأَمَّا عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ فَسَارَ فَلَمْ يَرُدَّهُ أَحَدٌ عَنْ دُخُولِ الْبَصْرَةِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي ذَلِكَ لابْنِ عَامِرٍ رَأْيٌ وَلا حَزْمٌ وَلا اسْتِقْلالٌ بِحَرْبٍ وَافْتَرَقَ النَّاسُ بِهَا، فَاتَّبَعَتْ فِرْقَةٌ الْقَوْمَ، وَدَخَلَتْ فِرْقَةٌ فِي الْجَمَاعَةِ، وَفِرْقَةٌ قَالَتْ: نَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَنَصْنَعُ كَمَا صَنَعُوا.
وَأَمَّا عُمَارَةُ فَأَقْبَلَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِزُبَالَةَ لَقِيَهُ طُلَيْحَةُ بْنُ خُوَيْلِدٍ، وَقَدْ كَانَ حِينَ بَلَغَهُمْ خَبَرُ عُثْمَانَ خَرَجَ يَدْعُو إِلَى الطَّلَبِ بِدَمِهِ وَيَقُولُ: لَهْفِي عَلَى أَمْرٍ لَمْ يَسْبِقْنِي وَلَمْ أُدْرِكْهُ!
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute