فعرض حميد جند أهل بغداد، وأعطاهم الخمسين التي وعدهم، فسألوه أن ينقصهم عشرة عشرة، فيعطيهم أربعين أربعين درهما لكل رجل منهم، لما كانوا تشاءموا به من علي بْن هشام حين أعطاهم الخمسين فغدر بهم، وقطع العطاء عنهم، فقال لهم حميد: لا بل أزيدكم وأعطيكم ستين درهما لكل رجل فلما بلغ ذلك إبراهيم دعا عيسى فسأله أن يقاتل حميدا، فأجابه إلى ذلك، فخلى سبيله، وأخذ منه كفلاء، فكلم عيسى الجند أن يعطيهم مثل ما أعطى حميد، فأبوا ذلك عليه، فلما كان يوم الاثنين عبر إليهم عيسى وإخوته وقواد أهل الجانب الشرقي، فعرضوا على أهل الجانب الغربي أن يزيدوهم على ما أعطى حميد، فشتموا عيسى وأصحابه، وقالوا: لا نريد إبراهيم.
فخرج عيسى وأصحابه حتى دخلوا المدينة، وأغلقوا الأبواب، وصعدوا السور، وقاتلوا الناس ساعة فلما كثر عليهم الناس انصرفوا راجعين، حتى أتوا باب خراسان، فركبوا في السفن، ورجع عيسى كأنه يريد أن يقاتلهم، ثم احتال حتى صار في أيديهم شبه الأسير، فأخذه بعض قواده فأتي به منزله، ورجع الباقون إلى إبراهيم فأخبروه الخبر، فاغتم لذلك غما شديدا، وقد كان المطلب ابن عبد الله بْن مالك اختفى من إبراهيم، فلما قدم حميد أراد العبور إليه فأخذه المعبر، فذهب إلى إبراهيم فحبسه عنده ثلاثة أيام أو أربعة، ثم أنه خلى عنه ليلة الاثنين لليلة خلت من ذي الحجه.
[ذكر خبر اختفاء ابراهيم بن المهدى]
وفي هذه السنة اختفى إبراهيم بْن المهدي، وتغيب بعد حرب بينه وبين حميد بْن عبد الحميد، وبعد أن أطلق سعد بْن سلامة من حبسه.
ذكر الخبر عن اختفائه والسبب في ذلك:
ذكر أن سهل بْن سلامة كان الناس يذكرون أنه مقتول، وهو عند إبراهيم محبوس، فلما صار حميد إلى بغداد ودخلها أخرجه ابراهيم وكان