ذكر الخبر عما كان منه ومن أصحاب محمد المخلوع في ذلك
وعن السبب الذي من أجله فعل ذلك طاهر:
أما السبب في ذلك فإنه- فيما ذكر- كان أن طاهرا لما قتل من قتل في قصر صالح من أصحابه، ونالهم فيه من الجراح ما نالهم، مضه ذلك وشق عليه، لأنه لم يكن له وقعة إلا كانت له لا عليه، فلما شق عليه أمر بالهدم والإحراق عند ذلك، فهدم دور من خالفه ما بين دجلة ودار الرقيق وباب الشام وباب الكوفه، الى الصراة وارجاء أبي جعفر وربض حميد ونهر كرخايا والكناسة، وجعل يبايت أصحاب محمد ويدالجهم، ويحوي في كل يوم ناحية، ويخندق عليها المراصد من المقاتلة، وجعل أصحاب محمد ينقصون، ويزيدون، حتى لقد كان اصحاب طاهر يهدمون الدار وينصرفون، فيقلع أبوابها وسقوفها أصحاب محمد، ويكونون أضر على أصحابهم من أصحاب طاهر تعديا، فقال شاعر منهم- وذكر أنه عمرو بْن عبد الملك الوراق العتري- في ذلك:
لنا كل يوم ثلمة لا نسدها ... يزيدون فيما يطلبون وننقص
إذا هدموا دارا أخذنا سقوفها ... ونحن لأخرى غيرها نتربص
وإن حرصوا يوما على الشر جهدهم ... فغوغاؤنا منهم على الشر أحرص
فقد ضيقوا من أرضنا كل واسع ... وصار لهم اهل بها، وتعرصوا
يثيرون بالطبل القنيص فإن بدا ... لهم وجه صيد من قريب تقنصوا
لقد أفسدوا شرق البلاد وغربها ... علينا فما ندري إلى أين نشخص!
إذا حضروا قالوا بما يعرفونه ... وان يروا شيئا قبيحا تخرصوا
وما قتل الأبطال مثل مجرب ... رسول المنايا ليلة يتلصص
ترى البطل المشهور في كل بلدة ... إذا ما رأى العريان يوما يبصبص