فكنت إذا استعملت الرجل من العرب فكسر الخراج، فتقدمت إِلَيْهِ أو أغرمت صدور قومه، أو أغرمت عشيرته أضررت بهم، وإن تركته تركت مال اللَّه وأنا أعرف مكانه، فوجدت الدهاقين أبصر بالجباية، وأوفى بالأمانة، وأهون فِي المطالبه منكم، مع انى قد جعلتكم أمناء عَلَيْهِم لئلا يظلموا أحدا وأما قولك في السخاء، فو الله مَا كَانَ لي مال فأجود بِهِ عَلَيْكُمْ، ولو شئت لأخذت بعض مالكم فخصصت بِهِ بعضكم دون بعض، فيقولون:
مَا أسخاه! ولكني عممتكم، وَكَانَ عندي أنفع لكم وأما قولك: ليتني لم أكن قتلت من قتلت، فما عملت بعد كلمة الإخلاص عملا هُوَ أقرب إِلَى اللَّهِ عندي من قتلي من قتلت من الخوارج، ولكني سأخبرك بِمَا حدثت بِهِ نفسي، قلت: ليتني كنت قاتلت أهل الْبَصْرَة، فإنهم بايعوني طائعين غير مكرهين، وايم اللَّه لقد حرصت عَلَى ذَلِكَ، ولكن بني زياد أتوني فَقَالُوا:
إنك إذا قاتلتهم فظهروا عَلَيْك لم يبقوا منا أحدا، وان تركتهم تغيب الرجل منا عِنْدَ أخواله وأصهاره، فرفقت لَهُمْ فلم أقاتل وكنت أقول: ليتني كنت أخرجت اهل السجن فضربت أعناقهم، فاما إذ فاتت هاتان فليتني كنت أقدم الشام ولم يبرموا أمرا.
قَالَ بعضهم: فقدم الشام ولم يبرموا أمرا، فكأنما كَانُوا مَعَهُ صبيانا، وَقَالَ بعضهم: قدم الشام وَقَدْ أبرموا، فنقض مَا أبرموا إِلَى رأيه.
وفي هَذِهِ السنة طرد أهل الْكُوفَة عَمْرو بن حريث وعزلوه عَنْهُمْ، واجتمعوا عَلَى عَامِر بن مسعود
. ذكر الخبر عن عزلهم عَمْرو بن حريث وتأميرهم عامرا
قَالَ أَبُو جَعْفَر: ذكر الهيثم بن عدي، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن عَيَّاش، قَالَ: