ذكر يعقوب بن إسحاق الاصفهانى، قال: قَالَ المفضل بْن محمد الضبي:
وجه إلي الرشيد، فما علمت الا وقد جاءتني الرسل ليلا، فقالوا: أجب أمير المؤمنين، فخرجت حتى صرت إليه، وذلك في يوم خميس، وإذا هو متكئ ومحمد بن زبيدة عن يساره، والمأمون عن يمينه، فسلمت، فأومأ إلي فجلست، فقال لي: يا مفضل، قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، قَالَ كم اسما في:
فَسَيَكْفِيكَهُمُ؟ قلت: ثلاثة أسماء يا أمير المؤمنين، قَالَ: وما هي؟
قلت: الكاف لرسول الله ص، والهاء والميم، وهي للكفار، والياء وهي لله عز وجل قال: صدقت، هكذا أفادنا هذا الشيخ- يعني الكسائي- ثم التفت إلى محمد، فقال له: أفهمت يا محمد؟ قَالَ: نعم، قَالَ: أعد علي المسألة كما قَالَ المفضل، فأعادها، ثم التفت إلي فقال:
يا مفضل، عندك مسألة تسألنا عنها بحضرة هذا الشيخ؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، قَالَ: وما هي؟ قلت: قول الفرزدق:
أخذنا بآفاق السماء عليكم ... لنا قمراها والنجوم الطوالع
قَالَ: هيهات أفادناها متقدما قبلك هذا الشيخ، لنا قمراها، يعني الشمس والقمر كما قالوا سنة العمرين: سنة أبي بكر وعمر، قَالَ: قلت:
فأزيد في السؤال؟ قَالَ: زد، قلت: فلم استحسنوا هذا؟ قَالَ: لأنه إذا اجتمع اسمان من جنس واحد، وكان أحدهما أخف على أفواه القائلين غلبوه وسموا به الآخر، فلما كانت أيام عمر أكثر من أيام أبي بكر وفتوحه أكثر واسمه أخف غلبوه، وسموا أبا بكر باسمه، قَالَ الله عز وجل:«بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ» وهو المشرق والمغرب قلت: قد بقيت زيادة في المسألة! فالتفت الى الكسائي فقال: يقال في هذا غير ما قلنا؟ قَالَ: هذا أوفى ما قالوا، وتمام المعنى عند العرب قَالَ: ثم التفت إلي فقال: ما الذي بقي؟ قلت: بقيت الغاية التي إليها أجرى الشاعر المفتخر في شعره، قَالَ: وما هي؟ قلت: أراد بالشمس إبراهيم، وبالقمر