عَاد الحديث إِلَى حديث عوانة فبعث علي زياد بن النضر الحارثي طليعة فِي ثمانية آلاف، وبعث معه شريح بن هاني فِي أربعة آلاف، وخرج علي من النخيلة بمن مَعَهُ، فلما دخل المدائن شخص مَعَهُ من فِيهَا من المقاتلة، وولى عَلَى المدائن سعد بن مسعود الثقفي عم المختار بن أبي عبيد، ووجه علي من المدائن معقل بن قيس فِي ثلاثة آلاف، وأمره أن يأخذ عَلَى الموصل حَتَّى يوافيه
. مَا أمر بِهِ عَلِيّ بن أبي طالب من عمل الجسر عَلَى الفرات
فلما انتهى علي إِلَى الرقة قَالَ فِيمَا حُدِّثْتُ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي مخنف، قَالَ: حَدَّثَنِي الحجاج بن علي، عن عَبْد اللَّهِ بن عمار بن عَبْدِ يَغُوثَ البارقي- لأهل الرقة: اجسروا لي جسرا حَتَّى أعبر من هَذَا المكان إِلَى الشام، فأبوا وَقَدْ كَانُوا ضموا إِلَيْهِم السفن، فنهض من عندهم ليعبر من جسر منبج، وخلف عَلَيْهِم الأَشْتَر، وذهب ليمضي بِالنَّاسِ كيما يعبر بهم عَلَى جسر منبج، فناداهم الأَشْتَر، فَقَالَ: يَا أهل هَذَا الحصن، أَلا إني أقسم لكم بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَئِنْ مضى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ ولم تجسروا لَهُ عِنْدَ مدينتكم جسرا حَتَّى يعبر لأجردن فيكم السيف، ثُمَّ لأقتلن الرجال ولأخربن الأرض، ولآخذن الأموال قَالَ: فلقي بعضهم بعضا، فَقَالُوا: أليس الأَشْتَر يفي بِمَا حلف عَلَيْهِ، أو يأتي بشر مِنْهُ؟ قَالُوا: نعم، فبعثوا إِلَيْهِ:
إنا ناصبون لكم جسرا، فأقبلوا، وجاء علي فنصبوا لَهُ الجسر، فعبر عَلَيْهِ بالأثقال والرجال ثُمَّ أمر علي الأَشْتَر فوقف فِي ثلاثة آلاف فارس، حتى