للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر ما انتهى إلينا من مغازي سليمان ع]

فمن ذلك غزوته التي راسل فيها بلقيس- وهي فيما يقول أهل الأنساب- يلمقة ابنة اليشرح- ويقول بعضهم: ابنة إيلي شرح، ويقول بعضهم: ابنة ذي شرح- بن ذي جدن بن أيلي شرح بن الحارث بن قيس بن صيفي بن سبا ابن يشجب بن يعرب بن قحطان ثم صارت إليه سلما بغير حرب ولا قتال.

وكان سبب مراسلته إياها- فيما ذكر- أنه فقد الهدهد يوما في مسير كان يسيره، واحتاج إلى الماء فلم يعلم من حضره بعده، وقيل له علم ذلك عند الهدهد، فسأل عن الهدهد فلم يجده وقال بعضهم: بل إنما سأل سليمان عن الهدهد لإخلاله بالنبوة.

فكان من حديثه وحديث مسيره ذلك وحديث بلقيس، ما حدثنى العباس ابن الْوَلِيدِ الآمُلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ إِذَا سَافَرَ أَوْ أَرَادَ سَفَرًا قَعَدَ عَلَى سَرِيرِهِ، وَوُضِعَتِ الْكَرَاسِيُّ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَيَأْذَنُ لِلإِنْسِ، ثُمَّ يَأْذَنُ لِلْجِنِّ عَلَيْهِ بَعْدَ الإِنْسِ، فَيَكُونُونَ خَلْفَ الْإِنْسِ، ثُمَّ يَأْذَنُ لِلشَّيَاطِينِ بَعْدَ الْجِنِّ فَيَكُونُونَ خَلْفَ الْجِنِّ، ثُمَّ يُرْسِلُ إِلَى الطَّيْرِ فَتُظِلُّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ، ثُمَّ يُرْسِلُ إِلَى الرِّيحِ فَتَحْمِلُهُمْ وَهُوَ عَلَى سَرِيرِهِ، وَالنَّاسُ عَلَى الْكَرَاسِيِّ فَتَسِيرُ بِهِمْ، غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شهر، رَخَاءً حَيْثُ أَصَابَ، لَيْسَ بِالْعَاصِفِ وَلا اللَّيِّنِ، وَسَطًا بَيْنَ ذَلِكَ فَبَيْنَمَا سُلَيْمَانُ يَسِيرُ- وَكَانَ سُلَيْمَانُ اخْتَارَ مِنْ كُلِّ طَيْرٍ طَيْرًا، فَجَعَلَهُ رَأْسَ تِلْكَ الطَّيْرِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُسَائِلَ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الطَّيْرِ عَنْ شَيْءٍ سَأَلَ رَأْسَهَا- فَبَيْنَمَا سُلَيْمَانُ يَسِيرُ إِذْ نَزَلَ مَفَازَةً فسال عن بعد الماء هاهنا، فَقَالَ الْإِنْسُ: لَا نَدْرِي، فَسَأَلَ الْجِنَّ فَقَالُوا: لا تدرى، فَسَأَلَ الشَّيَاطِينَ، فَقَالُوا: لا نَدْرِي فَغَضِبَ سُلَيْمَانُ فَقَالَ: لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ كَمْ بُعْدُ مسافة الماء هاهنا! قَالَ: فَقَالَتْ لَهُ الشَّيَاطِينُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَغْضَبْ، فَإِنْ يَكُ شَيْئًا يُعْلَمُ فَالْهُدْهُدُ يَعْلَمُهُ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: عَلَيَّ بِالْهُدْهُدِ، فَلَمْ يُوجَدْ، فغضب

<<  <  ج: ص:  >  >>