سُلَيْمَانُ فَقَالَ: «مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ» ، يَقُولُ: بِعُذْرٍ مُبِينٍ لِمَ غَابَ عَنْ مَسِيرِي هَذَا؟ وَكَانَ عِقَابُهُ لِلطَّيْرِ أَنْ يَنْتِفَ رِيشَهُ وَيُشَمِّسَهُ فَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَطِيرَ، وَيَكُونُ مِنْ هَوَامِ الْأَرْضِ إِنْ أَرَادَ ذَلِكَ، أَوْ يَذْبَحَهُ، فَكَانَ ذَلِكَ عَذَابَهُ.
قَالَ: وَمَرَّ الْهُدْهُدُ عَلَى قَصْرِ بِلْقِيسَ، فَرَأَى بُسْتَانًا لَهَا خَلْفَ قَصْرِهَا، فَمَالَ إِلَى الْخَضِرَةِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَإِذَا هُوَ بِهُدْهُدٍ لَهَا فِي الْبُسْتَانِ، فَقَالَ هُدْهُدُ سُلَيْمَانَ:
اين أنت عن سليمان؟ وما تصنع هاهنا؟ قَالَ لَهُ هُدْهُدُ بِلْقِيسَ: وَمَنْ سُلَيْمَانُ؟
فَقَالَ: بَعَثَ اللَّهُ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ سُلَيْمَانُ رَسُولًا، وَسَخَّرَ لَهُ الرِّيحَ وَالْجِنَّ وَالْإِنْسَ وَالطَّيْرَ قَالَ: فَقَالَ لَهُ هُدْهُدُ بِلْقِيسَ: أَيَّ شَيْءٍ تَقُولُ! قَالَ: أَقُولُ لَكَ مَا تَسْمَعُ، قَالَ: إِنَّ هَذَا لَعَجَبٌ، وَأَعْجَبُ مِنْ ذَاكَ أَنَّ كَثْرَةَ هؤلاء القوم تملكهم امراه، «أُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ» ، جَعَلُوا الشُّكْرَ لِلَّهِ أَنْ يَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ: وَذَكَرَ الْهُدْهُدُ سُلَيْمَانَ فَنَهَضَ عَنْهُ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْعَسْكَرِ تَلَقَتْهُ الطَّيْرُ وَقَالُوا: تَوَعَّدَكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَأَخْبَرُوهُ بِمَا قَالَ قَالَ: وَكَانَ عَذَابُ سُلَيْمَانَ لِلطَّيْرِ أَنْ يَنْتِفَ رِيشَهُ وَيُشَمِّسَهُ فَلَا يَطِيرُ أَبَدًا، فَيَصِيرُ مِنْ هَوَامِ الْأَرْضِ، أَوْ يَذْبَحَهُ فَلَا يَكُونُ لَهُ نسل ابدا قال: فقال الهدهد:
او ما اسْتَثْنَى رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالُوا: بَلْ قَالَ: أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِعُذْرٍ مُبِينٍ، قَالَ:
فَلَمَّا أَتَى سُلَيْمَانُ، قَالَ: مَا غَيَّبَكَ عَنْ مَسِيرِي؟ قَالَ: «أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ» حتى بلغ «فَانْظُرْ ماذا يَرْجِعُونَ» .
قَالَ: فَاعْتَلَّ لَهُ بِشَيْءٍ، وَأَخْبَرَهُ عَنْ بِلْقِيسَ وَقَوْمِهَا مَا أَخْبَرَهُ الْهُدْهُدُ، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: قَدِ اعْتَلَلْتَ، «سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ» ، قَالَ: فَوَافَقَهَا وَهِيَ فِي قَصْرِهَا، فَأَلْقَى إِلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute