وقال آخرون: عرض عليهم البراءة، فمن تبرأ منهم مما رفع عليه خلى سبيله، فأبى البراءة ثمانية منهم، وتبرأ اثنان.
فلما كان الغد أقبل أحدهما وأسد في مجلسه المشرف على السوق بالمدينة العتيقة، فقال: اليس هذا أسيرنا بالأمس! فأتاه، فقال له: أسألك أن تلحقني بأصحابي، فأشرفوا به على السوق، وهو يقول: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا وبمحمد ص نبيا، فدعا اسد بسيف بخاراخذاه، فضرب عنقه بيده قبل الأضحى بأربعة أيام، ثم قدم بعدهم رجل من أهل الكوفة يسمى كثيرا، فنزل على أبي النجم، فكان يأتيه الذين لقوا زيادا فيحدثهم ويدعوهم، فكان على ذلك سنة أو سنتين، وكان كثير أميا، فقدم عليه خداش، وهو في قرية تدعى مرعم، فغلب كثيرا على أمره، ويقال: كان اسمه عمارة فسمي خداشا، لأنه خدش الدين.
وكان أسد استعمل عيسى بْن شداد البرجمي إمرته الأولى في وجه وجهه على ثابت قطنة، فغضب، فهجا أسدا، فقال:
أرى كل قوم يعرفون أباهم ... وأبو بجيلة بينهم يتذبذب
إني وجدت أبي أباك فلا تكن ... إلبا علي مع العدو تجلب
أرمي بسهمي من رماك بسهمه ... وعدو من عاديت غير مكذب
اسد بن عبد الله جلل عفوه ... أهل الذنوب فكيف من لم يذنب!
أجعلتني للبرجمي حقيبة ... والبرجمي هو اللئيم المحقب
عبد إذا استبق الكرام رأيته ... يأتي سكينا حاملا في الموكب
إني أعوذ بقبر كرز أن أرى ... تبعا لعبد من تميم محقب.
[ولايه اشرس بن عبد الله على خراسان]
وفي هذه السنة استعمل هشام بْن عبد الملك على خراسان اشرس