للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سنه خمس وستين وثلاثمائة]

توفى المعز بمصر، في شهر ربيع الآخر، سنه خمس وستين، ومده عمره خمس واربعون سنه وسبعه اشهر ويومان، ومده نظره ثلاث وعشرون سنه وخمسه اشهر وسبعه عشر يوما، منها بمصر ثلاث سنين.

وقام ابنه نزار مقامه، ولقب بالعزيز، فكاتب الفتكين بالاستماله، فاغلظ في جوابه، وقال: هذا بلد أخذته بالسيف، ولا أدين لأحد فيه بطاعة فانفذ اليه جوهرا في عساكر كثيره، فدعا اهل البلد واعلمها، ما قد أضلهم، وانه على مفارقتهم، فقالوا: ان أرواحنا دونك، وانا باذلون نفوسنا دون نفسك.

ولما حصل جوهر بالرملة، كاتب الفتكين، وعرفه انه قد استصحب له أمانا، وكتابا بالعفو عما فرط فيه، وخلعا يفيضها عليه، واموالا، فأجابه الفتكين اجابه مغالط، وأحال على اهل دمشق فعل جوهر على الحرب، وسار اليه، فالتقيا بالشماسيه، ودامت الحرب واتصلت مده شهرين، وظهر من شجاعة الفتكين وغلمانه، ما عظموا به في النفوس.

وعاضد الفتكين الحسن بن احمد القرمطى، واجتمعا في خمسين ألفا، فانصرف جوهر الى طبرية، ومنها الى عسقلان، فحاصراه بها، وقطعا عنه الماء.

وكان جوهر في الشجاعة معروفا، فكان يبارز الفتكين، ويعرض عليه الطاعة لصاحبه، فيكاد ان يجيبه فيعترضهما القرمطى، فلا يمكن الفتكين من ذلك.

فاجتمعا يوما، فقال جوهر: قد علمت ما يجمعنى وإياك من تعظيم الدين، وقد طالت الفتنة، ودماء من هلك في رقابنا، وان لم تجب الى الطاعة، فاسالك ان تمن على بنفسي وباصحابى وتذم لنا، وتكون قد جمعت بين حقن الدماء واصطناع المعروف، فقال الفتكين: انا افعل، على ان اعلق سيفي ورمح القرمطى، على باب

<<  <  ج: ص:  >  >>