وبغا من ذلك كله بمعزل، فأغريا الموالي به، ولم يزالا يدبران الأمر عليه حتى احكما التدبير، فتذمرت الاتراك والفراغنه على اوتامش، وخرج إليه منهم يوم الخميس لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الآخر من هذه السنة أهل الدور والكرخ، فعسكروا وزحفوا إليه وهو في الجوسق مع المستعين.
وبلغه الخبر، فأراد الهرب، فلم يمكنه، واستجار بالمستعين فلم يجره فأقاموا على ذلك من أمرهم يوم الخميس ويوم الجمعة، فلما كان يوم السبت دخلوا الجوسق، فاستخرجوا اوتامش من موضعه الذي توارى فيه، فقتل وقتل كاتبه شجاع بن القاسم، وانتهبت دار اوتامش، فأخذ منها- فيما بلغني- أموال جليلة ومتاع وفرش وآله.
ولما قتل اوتامش استوزر المستعين أبا صالح عبد الله بن محمد بن يزداد، وعزل الفضل بن مروان عن ديوان الخراج، ووليه عيسى بن فرخان شاه، وولي وصيف الأهواز، وبغا الصغير فلسطين في شهر ربيع الآخر ثم غضب بغا الصغير وحزبه على أبي صالح بن يزداد، فهرب أبو صالح إلى بغداد في شعبان، وصير المستعين مكانه محمد بن الفضل الجرجرائي، فصير ديوان الرسائل إلى سعيد بن حميد رياسة، فقال في ذلك الحمدوني:
ليس السيف سعيد بعد ما ... عاش ذا طمرين لا نوبة له
إن لله لآيات وذا ... آية لله فينا منزله
[مقتل على بن الجهم]
وفيها قتل علي بن الجهم بن بدر، وكان سبب ذلك أنه توجه من بغداد إلى الثغر، فلما كان بقرب حلب بموضع يقال له خساف، لقيته خيل لكلب، فقتلته، وأخذ الأعراب ما كان معه، فقال وهو في السياق: