للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبلغ محمد بن ياقوت صاحب الشرطه الخبر، فحرص على نفاذه، واغرى الفرسان بالعزم فيه، وسفر في الأمر واحكمه، وأومى اليهم الوزير بوجه الرأي فيه، ودبره من حيث لا يظن به، إذ علم ما في نفس الخليفة عليهم من الغيظ لقبيح ما كانوا يحدثونه عليه فوثب الغلمان الحجريه يوم الأربعاء لثمان ليال بقين من المحرم بالرجاله المصافيه وطردوهم عن المصاف، ورشقوهم بالنشاب، فانصرفوا منهزمين، واخرج ابن ياقوت صاحب شرطه بغداد غلمانا كثيرا في طيارات وتقدم اليهم الا يتركوا رجلا يعبر من جانب الى جانب الا قتلوه، ولا ملاحا يجيز احدهم الا رموه بالنشاب، واخافوه ومنعوا من عبور الجسر، والح عليهم بالطلب، ونودى فيهم الا يبقى ببغداد منهم احد، واعانت عليهم العامه، وانطلقت فيهم الأيدي، فلم يجتمع منهم اثنان، وحظر عليهم الا يخرجوا الى الكوفه والبصره والاهواز، فتخطفوا في كل وجه واميحوا بكل مكان، فهل ترى لهم من باقيه، وقصد الفرسان مع العامه الى الموضع الذى كان فيه مستقر السودان بباب عمار، فنهبوهم واحرقوا منازلهم، فطلبوا الامان، وسألوا الصفح، فرفع عنهم القتل وحبس منهم الوجوه واسقطت عنهم الجرايات.

كتاب على بن مقله الى القواد والعمال

وكتب الوزير محمد بن على بن مقله فيهم نسخه انفذت الى القواد والعمال وهي:

بسم الله الرحمن الرحيم: قد جرى اعزك الله من امر الرجاله المصافيه بالحضرة ما قد اتصل بك، وعرفت جملته وتفصيله وجهته وسبيله، وقد خار الله عز وجل لسيدنا امير المؤمنين وللناس بعده بما تهيأ من قمعهم وردعهم، خيره ظاهره متصله بالكفاية الشامله التامة بمن الله وفضله، ولم ير سيدنا ايده الله استصلاح احد من هذه العصبة الا السودان فإنهم كانوا اخف جناية، وايسر جريره، فراى اعلى الله رايه اقرارهم على أرزاقهم القديمه، وتصفيتهم بالعرض على المحنة لعلمه ان العساكر لا بد لها من رجاله وامر اعلى الله امره، ان يستخدم بحضرته من تؤمن بائقته وتخف مؤنته، وترجى استقامته

<<  <  ج: ص:  >  >>