اختلف أهل السير في سبب ذلك وكيف كان الأمر فيه، فأما ما ذكره سيف عن أصحابه في ذلك، فإنه فيما كتب به إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن مُحَمَّد وطلحة والمهلب وعمرو، قالوا: كان يزدجرد بْن شهريار بْن كسرى- وهو يومئذ ملك فارس- لما انهزم أهل جلولاء خرج يريد الري، وقد جعل له محمل واحد يطبق ظهر بعيره، فكان إذا سار نام فيه ولم يعرس بالقوم فانتهوا به إلى مخاضة وهو نائم في محمله، فأنبهوه ليعلم، ولئلا يفزع إذا خاض البعير إن هو استيقظ، فعنفهم وقال: بئسما صنعتم! والله لو تركتموني لعلمت ما مدة هذه الأمة، إني رأيت أني ومحمدا تناجينا عند اللَّه، فقال له: أملكهم مائة سنة، فقال: زدني، فقال: عشرا ومائة سنة، فقال: زدني، فقال: عشرين ومائة سنة، فقال: زدني، فقال: لك.
وأنبهتموني، فلو تركتموني لعلمت ما مدة هذه الأمة.
فلما انتهى إلى الري، وعليها آبان جاذويه، وثب عليه فأخذه، فقال:
يا آبان جاذويه، تغدر بي! قال: لا، ولكن قد تركت ملكك، وصار في يد غيرك، فأحببت أن أكتتب على ما كان لي من شيء، وما أردت غير ذلك وأخذ خاتم يزدجرد ووصل الأدم، واكتتب الصكاك وسجل السجلات بكل ما أعجبه، ثم ختم عليها ورد الخاتم ثم أتى بعد سعدا فرد عليه كل شيء في كتابه ولما صنع آبان جاذويه بيزدجرد ما صنع