للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خروج ابن عباس من البصره الى مكة

وفيها خرج عَبْد اللَّهِ بن العباس مِنَ الْبَصْرَةِ ولحق مكة فِي قول عامة أهل السير، وَقَدْ أنكر ذَلِكَ بعضهم، وزعم أنه لم يزل بِالْبَصْرَةِ عاملا عَلَيْهَا من قبل امير المؤمنين على ع حَتَّى قتل، وبعد مقتل علي حَتَّى صالح الْحَسَن مُعَاوِيَة، ثُمَّ خرج حينئذ إِلَى مكة.

ذكر الخبر عن سبب شخوصه إِلَى مكة وتركه العراق:

حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ ابن أبي راشد، عن عبد الرحمن بن عبيد أَبِي الْكَنُودِ، قَالَ: مَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عباس على ابى الأسود الدولى، فَقَالَ: لَوْ كُنْتَ مِنَ الْبَهَائِمِ كُنْتَ جَمَلا، وَلَوْ كُنْتَ رَاعِيًا مَا بَلَغْتَ مِنَ الْمَرْعَى، وَلا أَحْسَنْتَ مِهْنَتَهُ فِي الْمَشْيِ قَالَ: فَكَتَبَ أَبُو الأَسْوَدِ إِلَى عَلِيٍّ:

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلا جَعَلَكَ وَالِيًا مُؤْتَمَنًا، وَرَاعِيًا مُسْتَوْلِيًا، وَقَدْ بَلَوْنَاكَ فَوَجَدْنَاكَ عَظِيمَ الأَمَانَةِ، نَاصِحًا للرعية، توفر لهم فيئهم، وَتُظَلِّفُ نَفْسَكَ عَنْ دُنْيَاهُمْ، فَلا تَأْكُلْ أَمْوَالَهُمْ، وَلا تَرْتَشِي فِي أَحْكَامِهِمْ، وَإِنَّ ابْنَ عَمِّكَ قَدْ أَكَلَ مَا تَحْتَ يَدَيْهِ بِغَيْرِ عِلْمِكَ، فَلَمْ يَسَعَنِي كِتْمَانَكَ ذَلِكَ، فَانْظُرْ رَحِمَكَ اللَّهُ فِيمَا هُنَاكَ، وَاكْتُبْ إِلَيَّ بِرَأْيِكَ فِيمَا أَحْبَبْتُ أَنْتَهِ إِلَيْكَ وَالسَّلامُ.

فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ: أَمَّا بَعْدُ، فَمِثْلُكَ نَصَحَ الإِمَامَ وَالأُمَّةَ، وَأَدَّى الأَمَانَةَ، وَدَلَّ عَلَى الْحَقِّ، وَقَدْ كَتَبْتَ إِلَى صَاحِبِكَ فِيمَا كَتَبْتَ إِلَيَّ فِيهِ مِنْ أَمْرِهِ، وَلَمْ أَعْلَمْهُ أَنَّكَ كَتَبْتَ، فَلا تَدَعْ أَعْلامِي بِمَا يَكُونُ بِحَضْرَتِكَ مِمَّا النَّظَرُ فِيهِ لِلأُمَّةِ صَلاحٌ، فَإِنَّكَ بِذَلِكَ جَدِيرٌ، وَهُوَ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْكَ، وَالسَّلامُ.

وَكَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الَّذِي بَلَغَكَ بَاطِلٌ، وَإِنِّي لِمَا تَحْتَ يَدِي ضَابِطٌ قَائِمٌ لَهُ وَلَهُ حَافِظٌ، فَلا تُصَدِّقِ الظُّنُونَ، وَالسَّلامُ.

قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ: أَمَّا بَعْدُ، فَأَعْلِمْنِي مَا أَخَذْتَ مِنَ الْجِزْيَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>