للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر بقية خبر تبع أيام قباذ وزمن أنوشروان وتوجيه الفرس الجيش إلى اليمن لقتال الحبشة وسبب توجيهه إياهم إليها

حَدَّثَنَا ابن حميد، قال: حَدَّثَنَا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، قَالَ: كان تبع الآخر وهو تبان أسعد أبو كرب حين أقبل من المشرق، جعل طريقه على المدينة، وقد كان حين مر بها في بدءته لم يهج أهلها، وخلف بين أظهرهم ابنا له، فقتل غيلة، فقدمها وهو مجمع لإخرابها، واستئصال أهلها وقطع نخلها، فجمع له هذا الحي من الأنصار حين سمعوا بذلك من أمره ليمتنعوا منه، ورئيسهم يومئذ عمرو بن الطلة، أحد بني النجار، ثم أحد بني عمرو بن مبذول، فخرجوا لقتاله وكان تبع حين نزل بهم، قد قتل رجل منهم- من بني عدي بن النجار يقال له أحمر- رجلا من أصحاب تبع، وجده في عذق له يجده، فضربه بمنجله فقتله، وقال: إنما الثمر لمن أبره، ثم ألقاه حين قتله في بئر من آبارهم معروفة يقال لها: ذات تومان فزاد ذلك تبعا عليهم حنقا.

فبينا تبع على ذلك من حربه وحربهم يقاتلهم ويقاتلونه- قَالَ: فتزعم الأنصار أنهم كانوا يقاتلونه بالنهار، ويقرونه بالليل فيعجبه ذلك منهم، ويقول: والله إن قومنا هؤلاء لكرام- إذ جاءه حبران من أحبار يهود من بني قريظة، عالمان راسخان حين سمعا منه ما يريد من إهلاك المدينة وأهلها، فقالا له: أيها الملك لا تفعل، فإنك إن أبيت إلا ما تريد حيل بينك وبينها، ولم نأمن عليك عاجل العقوبة، فقال لهما: ولم ذاك؟ فقالا: هي مهاجر نبى يخرج من هذا الحي من قريش في آخر الزمان، تكون داره وقراره.

فتناهى عند ذلك من قولهما عما كان يريد بالمدينة، ورأى أن لهما علما، وأعجبه ما سمع منهما فانصرف عن المدينة، وخرج بهما معه إلى اليمن واتبعهما على دينهما وكان اسم الحبرين كعبا وأسدا، وكانا من بني قريظة، وكانا

<<  <  ج: ص:  >  >>